والإشارة بقوله : ٦٤ - ﴿ إن ذلك ﴾ إلى ما تقدم من حكاية حالهم وخبر إن قوله :﴿ لحق ﴾ أي لواقع ثابت في الدار الآخرة لا يختلف ألبتة و ﴿ تخاصم أهل النار ﴾ خبر مبتدإ محذوف والجملة بيان لذلك وقيل بيان لحق وقيل بدل منه وقيل بدل من محل ذلك ويجوز أن يكون خبرا بعد خبر وهذا على قراءة الجمهور برفع تخاصم والمعنى : إن ذلك الذي حكاه الله عنهم لحق لا بد أن يتكلموا به وهو تخاصم أهل النار فيها وما قالته الرؤساء للأتباع وما قالته الأتباع لهم وقرأ ابن أبي عبلة بنصب تخاصم على أنه بدل من ذلك أو بإضمار أعني وقرأ ابن السميفع تخاصم بصيغة الفعل الماضي فتكون جملة مستأنفة
ثم أمر الله سبحانه رسوله صلى الله عليه و سلم أن يقول قولا جامعا بين التخويف والإرشاد إلى التوحيد فقال : ٦٥ - ﴿ قل إنما أنا منذر ﴾ أي مخوف لكم من عقاب الله وعذابه ﴿ وما من إله ﴾ يستحق العبادة ﴿ إلا الله الواحد ﴾ الذي لا شريك له ﴿ القهار ﴾ لكل شيء سواه
٦٦ - ﴿ رب السموات والأرض وما بينهما ﴾ من المخلوقات ﴿ العزيز ﴾ الذي لا يغالبه مغالب ﴿ الغفار ﴾ لمن أطاعه وقيل معنى العزيز المنيع الذي لا مثل له ومعنى الغفار الستار لذنوب خلقه
ثم أمره سبحانه أن يبالغ في إنذارهم ويبين لهم عظم الأمر وجلالته فقال : ٦٧ - ﴿ قل هو نبأ عظيم ﴾ أي ما أنذرتكم به من العقاب وما بينته لكم من التوحيد هو خبر عظيم ونبأ جليل من شأنه العناية به والتعظيم له وعدم الاستخفاف به ومثل هذه الآية قوله :﴿ عم يتساءلون * عن النبإ العظيم ﴾ وقال مجاهد وقتادة ومقاتل : هو القرآن فإنه نبأ عظيم لأنه كلام الله قال الزجاج : قل النبأ الذي أنبأتكم به عن الله نبأ عظيم : يعني ما أنبأهم به من قصص الأولين وذلك دليل على صدقه ونبوته لأنه لم يعلم ذلك إلا بوحي من الله