فقال : ٤٥ - ﴿ والله خلق كل دابة من ماء ﴾ قرأ يحيى بن وثاب والأعمش وحمزة والكسائي ﴿ الله خالق كل شيء ﴾ وقرأ الباقون ﴿ خلق ﴾ والمعنيان صحيحان والدابة : كل ما دب على الأرض من الحيوان يقال دب يدب فهو داب والهاء للمبالغة ومعنى ﴿ من ماء ﴾ من نطفة وهي المني كذا قال الجمهور وقال جماعة : إن المراد الماء المعروف لأن آدم خلق من الماء والطين وقيل في الآية تنزيل الغالب منزلة الكل على القول الأول لأن في الحيوانات ما يتولد لا عن نطفة ويخرج من هذا العموم الملائكة فإنهم خلقوا من نور والجان فإنهم خلقوا من نار ثم فصل سبحانه أحوال كل دابة فقال :﴿ فمنهم من يمشي على بطنه ﴾ وهي الحيات والحوت والدود ونحو ذلك ﴿ ومنهم من يمشي على رجلين ﴾ الإنسان والطير ﴿ ومنهم من يمشي على أربع ﴾ سائر الحيوانات ولم يتعرض لما يمشي على أكثر من أربع لقلته وقيل لأن المشي على أربع فقط وإن كانت القوائم كثيرة وقيل لعدم الاعتداد بما يمشي على أكثر من أربع ؟ وقيل ليس في القرآن ما يدل على عدم المشي على أكثر من أربع لأنه لم ينف ذلك ولا جاء بما يقتضي الحصر وفي مصحف أبي ومنهم من يمشي على أكثر فعم بهذه الزيادة جميع ما يمشي على أكثر من أربع كالسرطان والعناكب وكثير من خشاش الأرض ﴿ يخلق الله ما يشاء ﴾ مما ذكره ها هنا ومما لم يذكره كالجمادات مركبها وبسيطها ناميها وغير ناميها ﴿ إن الله على كل شيء قدير ﴾ لا يعجزه شيء بل الكل من مخلوقاته داخل تحت قدرته سبحانه
٤٦ - ﴿ لقد أنزلنا آيات مبينات ﴾ أي القرآن فإنه قد اشتمل على بيان كل شيء وما فرطنا في الكتاب من شيء وقد تقدم بيان مثل هذا في غير موضع ﴿ والله يهدي من يشاء ﴾ بتوفيقه للنظر الصحيح وإرشاده إلى التأمل الصادق ﴿ إلى صراط مستقيم ﴾ إلى طريق مستوي لا عوج فيه فيتوصل بذلك إلى الخير التام وهو نعيم الجنة
وقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ والذين كفروا أعمالهم كسراب ﴾ قال : هو مثل ضربه الله كرجل عطش فاشتد عطشه فرأى سرابا فحسبه ماء فطلبه فظن أنه قدر عليه حتى أتى فلما أتاه لما يجده شيئا وقبض عند ذلك يقول : الكافر كذلك السراب إذا أتاه الموت لم يجد عمله يغني عنه شيئا ولا ينفعه إلا كما نفع السراب العطشان ﴿ أو كظلمات في بحر لجي ﴾ قال : يعني بالظلمات الأعمال وبالبحر اللجي قلب الإنسان ﴿ يغشاه موج ﴾ يعني بذلك الغشاوة التي على القلب والسمع والبصر وأخرج ابن جرير عنه بقيعة : بأرض مستوية وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق السدي عن أبيه عن أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم قال [ إن الكفار يبعثون يوم القيامة وردا عطاشا فيقولون أين الماء ؟ فيتمثل لهم السراب فيحسبونه ماء فينطلقون إليه فيجدون الله عنده فيوفيهم حسابه والله سريع الحساب ] وفي إسناده السدي عن أبيه وفيه مقال معروف وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة في قوله ﴿ كل قد علم صلاته وتسبيحه ﴾ قال : الصلاة للإنسان والتسبيح لما سوى ذلك من خلقه وأخرج ابن أبي حاتم عنه في قوله ﴿ والطير صافات ﴾ قال : بسط أجنحتهن وأخرج عبد بن حميد عن قتادة نحوه وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي شيبة وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ يكاد سنا برقه ﴾ يقول : ضوء برقه وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن ابن عباس قال : كل شيء يمشي على أربع إلا الإنسان وأقول هذه الطيور على اختلاف أنواعها تمشي على رجلين وهكذا غيرها كالنعامة فإنها تمشي على رجلين وليست من الطير فهذه الكلية المروية عنه رضي الله عنه لا تصح


الصفحة التالية
Icon