فعند ذلك قال أهل الجنة ٧٤ - ﴿ الحمد لله الذي صدقنا وعده ﴾ بالبعث والثواب بالجنة ﴿ وأورثنا الأرض ﴾ أي أرض الجنة كأنها صارت من غيرهم إليهم فلمكوها وتصرفوا فيها وقيل إنهم ورثوا الأرض التي كانت لأهل النار لو كانوا مؤمنين قاله أكثر المفسرين وقيل إنها أرض الدنيا وفي الكلام تقديم وتأخير ﴿ نتبوأ من الجنة حيث نشاء ﴾ أي نتخذ فيها من المنازل ما نشاء حيث نشاء ﴿ فنعم أجر العاملين ﴾ المخصوص بالمدح محذوف : أي فنعم أجر العاملين في الجنة وهذا من تمام قول أهل الجنة
وقيل هو من قول الله سبحانه ٧٥ - ﴿ وترى الملائكة حافين من حول العرش ﴾ أي محيطين محدقين به يقال حف القوم بفلان إذا أطافوا به ومن مزيدة قاله الأخفش أو للابتداء والمعنى : أن الرائي يراهم بهذه الصفة في ذلك اليوم وجملة ﴿ يسبحون بحمد ربهم ﴾ في محل نصب على الحال : أي حال كونهم مسبحين لله ملتبسين بحمده وقيل معنى يسبحون يصلون حول العرش شكرا لربهم والحافين جمع حاف قاله الأخفش وقال الفراء : لا واحد له إذ لا يقع لهم هذا الاسم إلا مجتمعين ﴿ وقضي بينهم بالحق ﴾ أي بين العباد بإدخال بعضهم الجنة وبعضهم النار وقيل بين النبيين الذين جيء بهم مع الشهداء وبين أممهم بالحق وقيل بين الملائكة بإقامتهم في منازلهم على حسب درجاتهم والأول أولى ﴿ وقيل الحمد لله رب العالمين ﴾ القائلون هم المؤمنون حمدوا لله على قضائه بينهم وبين أهل النار بالحق وقيل القائلون هم الملائكة حمدوا الله تعالى على عدله في الحكم وقضائه بين عباده بالحق
وقد أخرج البخاري ومسلم وغيرهما من حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :[ أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر والذين يلونهم على ضوء أشد كوكب دري في السماء إضاءة ] وأخرجه وغيرهما عن سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :[ في الجنة ثمانية أبواب منها باب يسمى باب الريان لا يدخله إلا الصائمون ] وقد ورد في كون أبواب الجنة ثمانية أبواب أحاديث في الصحيحين وغيرهما وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله :﴿ وأورثنا الأرض ﴾ قال : أرض الجنة وأخرج هناد عن أبي العالية مثله


الصفحة التالية
Icon