والإشارة بقوله : ٧٥ - ﴿ ذلكم ﴾ إلى الإضلال المدلول عليه بالفعل : أي ذلك الإضلال بـ سبب ﴿ ما كنتم تفرحون في الأرض ﴾ أي بما كنتم تظهرون في الدنيا من الفرح بمعاصي الله والسرور بمخالفة رسله وكتبه وقيل بما كنتم تفرحون به من المال والأتباع والصحة وقيل بما كنتم تفرحون به من إنكار البعث وقيل المراد بالفرح هنا البطر والتكبر وبالمرح الزيادة في البطر وقال مجاهد وغيره : تمرحون : أي تبطرون وتأشرون وقال الضحاك : الفرح السرور والمرح العدوان وقال مقاتل المرح : البطر والخيلاء
٧٦ - ﴿ ادخلوا أبواب جهنم ﴾ حال كونكم ﴿ خالدين فيها ﴾ أي مقدرين الخلود فيها ﴿ فبئس مثوى المتكبرين ﴾ عن قبول الحق جهنم
ثم أمر الله سبحانه رسوله صلى الله عليه و سلم بالصبر فقال : ٧٧ - ﴿ فاصبر إن وعد الله حق ﴾ أي وعده بالانتقام منهم كائن لا محالة إما في الدنيا أو في الآخرة ولهذا قال :﴿ فإما نرينك بعض الذي نعدهم ﴾ من العذاب في الدنيا بالقتل والأسر والقهر وما في فإما زائدة على مذهب المبرد والزجاج والأصل فإن نرك ولحقت بالفعل نون التأكيد وقوله :﴿ أو نتوفينك ﴾ معطوف على نرينك : أي أو نتوفينك قبل إنزال العذاب بهم ﴿ فإلينا يرجعون ﴾ يوم القيامة فنعذبهم
٧٨ - ﴿ ولقد أرسلنا رسلا من قبلك منهم من قصصنا عليك ﴾ أي أنبأناك بأخبارهم وما لقوه من قومهم ﴿ ومنهم من لم نقصص عليك ﴾ خبره ولا أوصلنا إليك علم ما كان بينه وبين قومه ﴿ وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله ﴾ لا من قبل نفسه والمراد بالآية المعجزة الدالة على نبوته ﴿ فإذا جاء أمر الله ﴾ أي إذا جاء الوقت المعين لعذابهم في الدنيا أو في الآخرة ﴿ قضي بينهم بالحق ﴾ فيما بينهم فينجي الله بقضائه الحق على عباده المحقين ﴿ وخسر هنالك ﴾ أي في ذلك الوقت ﴿ المبطلون ﴾ الذين يتبعون الباطل ويعملون به
ثم امتن سبحانه على عباده بنوع من أنواع نعمه التي لا تحصى فقال : ٧٩ - ﴿ الله الذي جعل لكم الأنعام ﴾ أي خلقها لأجلكم قال الزجاج : الأنعام ها هنا الإبل وقيل الأزواج الثمانية ﴿ لتركبوا منها ﴾ من للتبعيض وكذلك في قوله :﴿ ومنها تأكلون ﴾ ويجوز أن تكون لابتداء الغاية في الموضعين ومعناها ابتداء الركوب وابتداء الأكل والأول أولى والمعنى : لتركبوا بعضها وتأكلوا بعضها
٨٠ - ﴿ ولكم فيها منافع ﴾ أخر غير الركوب والأكل من الوبر والصوف والشعر والزبد والسمن والجبن وغير ذلك ﴿ ولتبلغوا عليها حاجة في صدوركم ﴾ قال مجاهد ومقاتل وقتادة : تحمل أثقالكم من بلد إلى بلد وقد تقدم بيان هذا مستوفى في سورة النحل ﴿ وعليها وعلى الفلك تحملون ﴾ أي على الإبل في البر وعلى السفن في البحر وقيل المراد بالحمل على الأنعام هنا حمل الولدان والنساء بالهوادج