١٣ - ﴿ فإن أعرضوا ﴾ عن التدبر والتفكر في هذه المخلوقات ﴿ فقل أنذرتكم ﴾ أي فقل يا محمد أنذرتكم خوفتكم ﴿ صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود ﴾ أي عذابا مثل عذابهم والمراد بالصاعقة العذاب المهلك من كل شيء قال المبرد : الصاعقة المرة المهلكة لأي شيء كان قرأ الجمهور صاعقة في الموضعين وقد تقدم بيان معنى الصاعقة والصعقة في البقرة
وقوله : ١٤ - ﴿ إذ جاءتهم الرسل ﴾ ظرف لأنذرتكم أو لصاعقة لأنها بمعنى العذاب : أي أنذرتكم العذاب الواقع وقت مجيء الرسل أو حال من صاعقة عاد وهذا أولى من الوجهين الأولين لأن الإنذار لم يقع وقت مجيء الرسل فلا يصح أن يكون ظرفا له وكذلك الصاعقة لا يصح أن يكون الوقت ظرفا لها وقوله :﴿ من بين أيديهم ومن خلفهم ﴾ متعلق بجاءتهم : أي جاءتهم من جميع جوابنهم وقيل المعنى جاءتهم الرسل المتقدمون والمتأخرون على تنزيل مجيء كلامهم منزلة مجيئهم أنفسهم فكأن الرسل قد جاءوهم وخاطبوهم بقولهم :﴿ أن لا تعبدوا إلا الله ﴾ أي بأن لا تعبدوا على أنها المصدرية ويجوز أن تكون التفسيرية أو المخففة من الثقيلة واسمها ضمير شأن محذوف ثم ذكر سبحانه ما أجابوا به على الرسل فقال :﴿ قالوا لو شاء ربنا لأنزل ملائكة ﴾ أي لأرسلهم إلينا ولم يرسل إلينا بشرا من جنسنا ثم صرحوا بالكفر ولم يتلعثموا فقالوا ﴿ فإنا بما أرسلتم به كافرون ﴾ أي كافرون بما تزعمونه من أن الله أرسلكم إلينا لأنكم بشر مثلنا لا فضل لكم علينا فكيف اختصكم برسالته دوننا وقد تقدم دفع هذه الشبهة الداحضة التي جاءوا بها في غير موضع
وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله :﴿ وويل للمشركين * الذين لا يؤتون الزكاة ﴾ قال : لا يشهدون أن لا إله إلا الله وفي قوله :﴿ لهم أجر غير ممنون ﴾ قال : غير منقوص وأخرج ابن جرير والنحاس في ناسخه وأبو الشيخ في العظمة والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عنه [ أن اليهود أتت النبي صلى الله عليه و سلم فسألته عن خلق السموات والأرض فقال : خلق الله الأرض في يوم الأحد والاثنين وخلق الجبال وما فيهن من منافع يوم الثلاثاء وخلق يوم الأربعاء الشجر والحجر والماء والمدائن والعمران والخراب فهذه أربعة أيام فقال تعالى :﴿ قل أإنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين * وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين ﴾ وخلق يوم الخميس السماء وخلق يوم الجمعة النجوم والشمس والقمر والملائكة إلى ثلاث ساعات بقين منه فخلق من أول ساعة من هذه الثلاث الآجال حين يموت من مات وفي الثانية ألقى فيها من كل شيء مما ينتفع به وفي الثالثة خلق آدم وأسكنه الجنة وأمر إبليس بالسجود له وأخرجه منها
في آخر ساعة قالت اليهود : ثم ماذا يا محمد ؟ قال ثم استوى على العرش قالوا : قد أصبت لو أتممت قالوا ثم استراح فغضب النبي صلى الله عليه و سلم غضبا شديدا فنزل ﴿ ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب * فاصبر على ما يقولون ﴾ ] وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضا في قوله :﴿ وقدر فيها أقواتها ﴾ قال : شق الأنهار وغرس الأشجار ووضع الجبال وأجرى البحار وجعل في هذه ما ليس في هذه وفي هذه ما ليس في هذه وأخرج أبو الشيخ عنه أيضا قال : إن الله تعالى خلق يوما فسماه الأحد ثم خلق ثانيا فسماه الاثنين ثم خلق ثالثا فسماه الثلاثاء ثم خلق رابعا فسماه الأربعاء ثم خلق خامسا فسماه الخميس وذكر نحو ما تقدم وأخرج أبو الشيخ عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :[ أن الله فرغ من خلقه في ستة أيام وذكر نحو ما تقدم ] وأخرج ابن جرير عن أبي بكر نحو ما تقدم عن ابن عباس وأخرج ابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله :﴿ فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها ﴾ قال : قال للسماء أخرجي شمسك وقمرك ونجومك وللأرض شققي أنهارك وأخرجي ثمارك ﴿ قالتا أتينا طائعين ﴾ وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ ائتيا ﴾ قال أعطيا وفي قوله :﴿ قالتا أتينا ﴾ قال : أعطينا


الصفحة التالية
Icon