١٦ - ﴿ والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له ﴾ أي يخاصمون في دين الله من بعد ما استجاب الناس له ودخلوا فيه قال مجاهد : من بعد ما أسلم الناس قال : وهؤلاء قوم توهموا أن الجاهلية تعود وقال قتادة : هم اليهود والنصارى ومحاجتهم قولهم : نبينا قبل نبيكم وكتابنا قبل كتابكم وكانوا يرون لأنفسهم الفضيلة بأنهم أهل كتاب وأنهم أولاد الأنبياء وكان المشركون يقولون ﴿ أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا ﴾ ؟ فنزلت هذه الآية والموصول مبتدأ وخبره الجملة بعده وهي ﴿ حجتهم داحضة عند ربهم ﴾ أي لا ثبات لها كالشيء الذي يزول عن موضعه يقال : دحضت حجته دحوضا : بطلت والإدحاض : الإزلاق ومكان دحض : أي زلق ودحضت رجله : زلقت وقيل الضمير في له راجع إلى الله وقيل راجع إلى محمد صلى الله عليه و سلم والأول أولى ﴿ وعليهم غضب ﴾ أي غضب عظيم من الله لمجادلتهم بالباطل ﴿ ولهم عذاب شديد ﴾ في الآخرة
١٧ - ﴿ الله الذي أنزل الكتاب بالحق ﴾ المراد بالكتاب : الجنس فيشمل جميع الكتب المنزلة على الرسل وقيل المراد به القرآن خاصة وبالحق متعلق بمحذوف : أي ملتبسا بالحق وهو الصدق ﴿ و ﴾ المراد بـ ﴿ الميزان ﴾ العدل كذا قال أكثر المفسرين قالوا وسمي العدل ميزانا لأن الميزان آلة الإنصاف والتسوية بين الخلق وقيل : الميزان ما بين في الكتب المنزلة مما يجب على كل إنسان أن يعمل به وقيل : هو الجزاء على الطاعة والثواب وعلى المعصية بالعقاب وقيل إنه الميزان نفسه أنزله الله من السماء وعلم العباد الوزن به لئلا يكون بينهم تظالم وتباخس كما في قوله :﴿ لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط ﴾ وقيل هو محمد صلى الله عليه و سلم ﴿ وما يدريك لعل الساعة قريب ﴾ أي أي شيء يجعلك داريا بها عالما بوقتها لعلها شيء قريب أو قريب مجيئها أو ذات قرب وقال قريب ولم يقل قريبة لأن تأنيثها غير حقيقي قال الزجاج : المعنى لعل البعث أو لعل مجيء الساعة قريب وقال الكسائي : قريب نعت ينعت به المؤنث والمذكر كما في قوله :﴿ إن رحمة الله قريب من المحسنين ﴾ ومنه قول الشاعر :
( وكنا قريبا والديار بعيدة | فلما وصلنا نصب أعينهم غبنا ) |