٢٠ - ﴿ وإني عذت بربي وربكم أن ترجمون ﴾ استعاذ بالله سبحانه لما توعدوه بالقتل والمعنى : من أن ترجمون قال قتادة : ترجموني بالحجارة وقيل تشتمون وقيل تقتلون
٢١ - ﴿ وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون ﴾ أي إن لم تصدقوني وتقروا بنبوتي فاتركوني ولا تتعرضوا لي بأذى قال مقاتل : دعوني كفافا لا علي ولا لي وقيل كونوا بمعزل عني وأنا بمعزل منكم إلى أن يحكم الله بيننا وقيل فخلوا سبيلي والمعنى متقارب ثم لما لم يصدقوه ولم يجيبوا دعوته
رجع إلى ربه بالدعاء كما حكى الله عنه بقوله : ٢٢ - ﴿ فدعا ربه أن هؤلاء قوم مجرمون ﴾ قرأ الجمهور بفتح الهمزة على إضمار حرف الجر : أي دعاه بأن هؤلاء وقرأ الحسن وابن أبي إسحاق وعيسى بن عمر بكسرها على إضمار القول وفي الكلام حذف : أي فكفروا فدعا ربه والمجرمون الكافرون وسماه دعاء مع أنه لم يذكر إلا مجرد كونهم مجرمين لأنهم قد استحقوا بذلك الدعاء عليهم
٢٣ - ﴿ فأسر بعبادي ليلا ﴾ أجاب الله سبحانه دعاءه فأمر أن يسري ببني إسرائيل ليلا يقال سرى وأسرى لغتان قرأ الجمهور فأسر بالقطع وقرأ أهل الحجاز بالوصل ووافقهم ابن كثير فالقراءة الأولى من أسرى والثانية من سرى والجملة بتقدير القول : أي فقال الله لموسى أسر بعبادي ﴿ إنكم متبعون ﴾ أي يتبعكم فرعون وجنوده وقد تقدم في غير موضع خروج فرعون بعدهم
٢٤ - ﴿ واترك البحر رهوا ﴾ أي ساكنا يقال رها يرهو رهوا : إذا سكن لا يتحرك قال الجوهري : يقال افعل ذلك رهوا : أي ساكنا على هيئتك وعيش راه : أي ساكن ورها البحر سكن وكذا قال الهروي وغيره وهو المعروف في اللغة ومنه قول الشاعر :

( والخيل تمرح رهوا في أعنتها كالطير تنجو من الشرنوب ذي الوبر )
أي والخيل تمرح في أعنتها ساكنة والمعنى : اترك البحر ساكنا على صفته بعد أن ضربته بعصاك ولا تأمره أن يرجع كما كان ليدخله آل فرعون بعدك وبعد بني إسرائيل فينطبق عليهم فيغرقون وقال أبو عبيدة : رها بين رجليه رهوا : أي فتح قال ومنه قوله :﴿ واترك البحر رهوا ﴾ والمعنى : اتركه منفرجا كما كان بعد دخولكم فيه وكذا قال أبو عبيد : وبه قال مجاهد وغيره قال ابن عرفة : وهما يرجعان إلى معنى واحد وإن اختلف لفظاهما لأن البحر إذا سكن جريه انفرج قال الهروي : ويجوز أن يكون رهوا نعتا لموسى : أي سر ساكنا على هيئتك وقال كعب والحسن رهوا طريقا وقال الضحاك والربيع : سهلا وقال عكرمة : يبسا كقوله :﴿ فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا ﴾ وعلى كل تقدير فالمعنى اتركه ذا رهو أو اتركه رهوا على المبالغة في الوصف بالمصدر ﴿ إنهم جند مغرقون ﴾ أي إن فرعون وقومه مغرقون أخبر سبحانه موسى بذلك ليسكن قلبه ويطمئن جأشه قرأ الجمهور بكسر إن على الاستئناف لقصد الإخبار بذلك وقرئ بالفتح على تقدير لأنهم


الصفحة التالية
Icon