سورة الفرقان
هي سبع وسبعون آية
وهي مكية كلها في قول الجمهور وكذا أخرجه ابن الضريس والنحاس وابن مردويه من طرق عن ابن عباس وأخرجه ابن مردويه عن ابن الزبير قال القرطبي : وقال ابن عباس وقتادة : إلا ثلاث آيات منها نزلت بالمدينة وهي ﴿ والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ﴾ الآيات وأخرج مالك والشافعي والبخاري ومسلم وابن حبان والبيهقي في سننه عن عمر بن الخطاب قال :[ سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله صلى الله عليه و سلم فاستمتعت لقراءته فإذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله صلى الله عليه و سلم فكدت أساوره في الصلاة فتصبرت حتى سلم فلببته بردائه فقلت : من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ ؟ قال : أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه و سلم فقلت : كذبت فإن رسول الله صلى الله عليه و سلم قد أقرأنيها على غير ما قرأت فانطلقت به أقوده إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقلت : إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أرسله أقرئنا هشام فقرأ عليه القراءة التي سمعته يقرأ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : كذلك أنزلت ثم قال : أقرئنا عمر فقرأت القراءة التي أقرأني فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : كذلك أنزلت إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرأوا ما تيسر منه ]
تكلم سبحانه في هذه السورة على التوحيد لأنه أقدم وأهم ثم في النبوة لأنها الواسطة ثم في المعاد لأنه الخاتمة وأصل تبارك مأخوذ من البركة وهي النماء والزيادة حسية كانت أو عقلية قال الزجاج : تبارك تفاعل من البركة قال : ومعنى البركة : الكثرة من كل ذي خير وقال الفراء : إن تبارك وتقدس في العربية واحد ومعناهما العظمة وقيل المعنى : تبارك عطاؤه : أي زاد وكثر وقيل المعنى : دام وثبت قال النحاس : وهذا أولاها في اللغة والاشتقاق من برك الشيء إذا ثبت ومنه برك الجمل : أي دام وثبت واعترض ما قاله الفراء بأن التقديس غنما هو من الطهارة وليس من ذا في شيء قال العلماء : هذه اللفظة لا تستعمل إلا لله سبحانه ولا تستعمل إلا بلفظ الماضي والفرقان القرآن وسمي فرقانا لأنه يفرق بين الحق والباطل بأحكامه أو بين المحق والمبطل والمراد بعبده نبينا صلى الله عليه و سلم ثم علل التنزيل ﴿ ليكون للعالمين نذيرا ﴾ فإن النذارة هي الغرض المقصود من الإنزال والمراد محمد صلى الله عليه و سلم أو الفرقان والمراد بالعالمين هنا الإنس والجن لأن النبي صلى الله عليه و سلم مرسل إليهما ولم يكن غيره من الأنبياء مرسلا إلى الثقلين والنذير : المنذر : أي ليكون محمد منذرا أو ليكون إنزال القرآن منذرا ويجوز أن يكون النذير هنا بمعنى المصدر للمبالغة : أي ليكون إنزاله إنذارا أو ليكون محمد إنذارا وجعل الضمير للنبي صلى الله عليه و سلم أولى لأن صدور الإنذار منه حقيقة ومن القرآن مجاز والحمل على الحقيقة أولى ولكونه أقرب مذكور وقيل إن رجوع الضمير إلى الفرقان أولى لقوله تعالى :﴿ إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ﴾ ثم إنه سبحانه وصف نفسه بصفات أربع