١٠ - ﴿ والنخل باسقات لها طلع نضيد ﴾ هو معطوف على جنات : أي وأنبتنا به النخل وتخصيصها بالذكر مع دخولها في الجنات للدلالة على فضلها على سائر الأشجار وانتصاب باسقات على الحال وهي حال مقدرة لأنها وقت الإنبات لم تكن باسقة قال مجاهد وعكرمة وقتادة : الباسقات الطوال وقال سعيد بن جبير : مستويات وقال الحسن وعكرمة والفراء : موافير حوامل يقال للشاة إذا بسقت ولدت والأشهر في لغة العرب الأول يقال بسقت النخلة بسوقا : إذا طالت ومنه قول الشاعر :

( لنا خمر وليست خمر كرم ولكن من نتاج الباسقات )
( كرام في السماء ذهبن طولا وفات ثمارها أيدي الجنات )
وجملة ﴿ لها طلع نضيد ﴾ في محل نصب على الحال من النخل الطلع هو أول ما يخرج من ثمر النخل يقال طلع الطلع طلوعا والنضيد المتراكب الذي نضد بعضه على بعض وذلك قبل أن ينفتح فهو نضيد في أكمامه فإذا خرج من أكمامه فليس بنضيد
١١ - ﴿ رزقا للعباد ﴾ انتصابه على المصدرية : أي رزقناهم رزقا أو على العلة : أي أنبتنا هذه الأشياء للرزق ﴿ وأحيينا به بلدة ميتا ﴾ أي أحيينا بذلك الماء بلدة مجدبة لا ثمار فيها ولا زرع وجملة ﴿ كذلك الخروج ﴾ مستأنفة لبيان أن الخروج من القبور عند البعث كمثل هذا الإحياء الذي أحيا الله به الأرض الميتة قرأ الجمهور ﴿ ميتا ﴾ على التخفيف وقرأ أبو جعفر وخالد بالتثقيل
ثم ذكر سبحانه الأمم المكذبة فقال ١٢ - ﴿ كذبت قبلهم قوم نوح وأصحاب الرس ﴾ هم قوم شعيب كما تقدم بيانه وقيل هم الذين جاءهم من أقصى المدينة رجل يسعى وهم من قوم عيسى وقيل هم أصحاب الأخدود والرسل : إما موضع نسبوا إليه أو فعل وهو حفر البئر يقال رس : إذا حفر بئرا
١٣ - ﴿ نوح وعاد وفرعون ﴾ أي فرعون وقومه ﴿ وإخوان لوط ﴾ جعلهم إخوانه لأنهم كانوا أصهاره وقيل هم من قوم إبراهيم وكانوا من معارف لوط
١٤ - ﴿ وأصحاب الأيكة ﴾ تقدم الكلام على الأيكة واختلاف القراء فيها في سورة الشعراء مستوفى ونبيهم الذي بعثه الله إليهم شعيب ﴿ وقوم تبع ﴾ هو تبع الحميري الذي تقدم ذكره في قوله :﴿ أهم خير أم قوم تبع ﴾ واسمه سعد أبو كرب وقيل أسعد ؟ قال قتادة : ذم الله قوم تبع ولم يذمه ﴿ كل كذب الرسل ﴾ التنوين عوض عن المضاف إليه : أي كل واحد من هؤلاء كذب رسوله الذي أرسله الله إليه وكذب ما جاء به من الشرع واللام في الرسل تكون للعهد ويجوز أن تكون للجنس : أي كل طائفة من هذه الطوائف كذبت جميع الرسل وإفراد الضمير في كذب باعتبار لفظ كل وفي هذا تسلية لرسول الله صلى الله عليه و سلم كأنه قيل له : لا تحزن ولا تكر غمك لتكذيب هؤلاء لك فهذا شأن من تقدمك من الأنبياء فإن قومهم كذبوهم ولم يصدقهم إلا القليل منهم ﴿ فحق وعيد ﴾ أي وجب عليهم وعيدي وحقت عليهم كلمة العذاب وحل بهم ما قدره الله عليهم من الخسف والمسخ والإهلاك بالأنواع التي أنزلها الله بهم من عذابه


الصفحة التالية
Icon