ثم لما فرغ من بيان حال الكافرين شرع في بيان حال المؤمنين فقال : ٣١ - ﴿ وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد ﴾ أي قربت الجنة للمتقين تقريبا غير بعيد أو مكان غير بعيد منهم بحيث يشاهدونها في الموقف وينظرون ما فيها مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ويجوز أن يكون انتصاب ﴿ غير بعيد ﴾ على الحال وقيل المعنى : أنها زينت قلوبهم في الدنيا بالترغيب والترهيب فصارت قريبة من قلوبهم والأول أولى
والإشارة بقوله : ٣٢ - ﴿ هذا ما توعدون ﴾ إلى الجنة بتقدير القول : أي ويقال لهم هذا ما توعدون قرأ الجمهور ﴿ توعدون ﴾ بالفوقية وقرأ ابن كثير بالتحتية ﴿ لكل أواب حفيظ ﴾ هو بدل من للمتقين بإعادة الخافض أو متعلق بقول محذوف هو حال : أي مقولا لهم لكل أواب والأواب الرجاع إلى الله تعالى بالتوبة عن المعصية وقيل هو المسبح وقيل هو الذاكر لله في الخلة قال الشعبي ومجاهد : هو الذي يذكر ذنوبه في الخلوة فيستغفر الله منها وقال عبيد بن عمير هو الذي لا يجلس مجلسا حتى يستغفر الله فيه والحفيظ : هو الحافظ لذنوبه حتى يتوب منها وقال قتادة : هو الحافظ لما استودعه الله من حقه ونعمته قاله مجاهد وقيل هو الحافظ لأمر الله وقال الضحاك : هو الحافظ لوصية الله له بالقبول
٣٣ - ﴿ من خشي الرحمن بالغيب ﴾ الموصول في محل جر بدلا أو بيانا لكل أواب وقيل يجوز أن يكون بدلا بعد بدل من المتقين وفيه نظر لأنه لا يتكرر البدل والمبدل منه واحد ويجوز أن يكون في محل رفع على الاستئناف والخبر ادخلوها بتقدير يقال لهم ادخلوها والخشية بالغيب أن يخاف الله ولم يكن رآه وقال الضحاك والسدي : يعني الخلوة حيث لا يراه أحد قال الحسن : إذا أرخى الستر وأغلق الباب وبالغيب متعلق بمحذوف هو حال أو صفة لمصدر خشي ﴿ وجاء بقلب منيب ﴾ أي راجع إلى الله مخلص لطاعته وقيل المنيب المقبل على الطاعة وقيل السليم