١٨ - ﴿ وبالأسحار هم يستغفرون ﴾ أي يطلبون أوقات السحر من الله سبحانه أن يغفر ذنوبهم قال الحسن : مدوا الصلاة إلى الأسحار ثم أخذوا بالأسحار الاستغفار وقال الكلبي ومقاتل ومجاهد : هم بالأسحار الاستغفار وقال الكلبي ومقاتل ومجاهد : هم بالأسحار يصلون وذلك أن صلاتهم طلب منهم للمغفرة وقال الضحاك : هي صلاة الفجر
ثم ذكر سبحانه صدقاتهم فقال : ١٩ - ﴿ وفي أموالهم حق للسائل والمحروم ﴾ أي يجعلون في أموالهم على أنفسهم حقا للسائل والمحروم تقربا إلى الله عز و جل وقال محمد بن سيرين وقتادة : الحق هنا الزكاة المفروضة والأول أولى فيحمل على صدقة النفل وصلة الرحم وقرى الضيف لأن السورة مكية والزكاة لم تفرض إلا بالمدينة وسيأتي في سورة سأل سائل ﴿ في أموالهم حق معلوم * للسائل والمحروم ﴾ بزيادة معلوم والسائل هو الذي يسأل الناس لفاقته
واختلف في تفسير المحروم فقيل هو الذي يتعفف عن السؤال حتى يحسبه الناس غنيا فلا يتصدقون عليه وبه قال قتادة والزهري وقال الحسن ومحمد ابن الحنفية : هو الذي لا سهم له في الغنيمة ولا يجري عليه من الفيء شيء وقال زيد بن أسلم : هو الذي أصيب ثمره أو زرعه أو ماشيته قال القرطبي : هو الذي أصابته الجائحة وقيل الذي لا يكتسب وقيل هو الذي لا يجد غنى يغنيه وقيل هو الذي يطلب الدنيا وتدبر عنه وقيل هو المملوك وقيل الكلب وقيل غير ذلك قال الشعبي : لي اليوم سبعون سنة منذ احتلمت أسأل عن المحروم فما أنا اليوم بأعلم مني فيه يومئذ والذي ينبغي التعويل عليه ما يدل عليه المعنى اللغوي والمحروم في اللغة الممنوع من الحرمان وهو المنع فيدخل تحته من حرم الرزق من الأصل ومن أصيب ماله بجائحة أذهبته ومن حرم العطاء ومن حرم الصدقة لتعففه
ثم ذكر سبحانه ما نصبه من الدلائل الدالة على توحيده وصدق وعده ووعيده فقال : ٢٠ - ﴿ وفي الأرض آيات للموقنين ﴾ أي دلائل واضحة وعلامات ظاهرة من الجبال والبر والبحر والأشجار والأنهار والثمار وفيها آثار الهلاك للأمم الكافرة المكذبة لما جاءت به رسل الله ودعتهم إليه وخص الموقنين بالله لأنهم الذين يعترفون بذلك ويتدبرون فيه فينتفعون به
٢١ - ﴿ وفي أنفسكم أفلا تبصرون ﴾ أي وفي أنفسكم آيات تدل على توحيد الله وصدق ما جاءت به الرسل فإنه خلقهم نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظما إلى أن ينفخ فيه الروح ثم تختلف بعد ذلك صورهم وألوانهم وطبائعهم وألسنتهم ثم نفس خلقهم على هذه الصفة العجيبة الشأن من لحم ودم وعظم وأعضاء وحواس ومجاري ومنافس ومعنى ﴿ أفلا تبصرون ﴾ أفلا تنظرون بعين البصيرة فتستدلون بذلك على الخالق الرزاق المتفرد بالألوهية وأنه لا شريك له وال ضد ولا ند وأن وعده الحق وقوله الحق وأن ما جاءت إليكم به رسله هو الحق الذي لا شك فيه ولا شبهة تعتريه وقيل المراد بالأنفس الأرواح : أي وفي نفوسكم التي بها حياتكم آيات