٣٩ - ﴿ فتولى بركنه ﴾ التولي : الإعراض والركن : الجانب قاله الأخفش والمعنى : أعرض بجانبه كما في قوله :﴿ أعرض ونأى بجانبه ﴾ قال الجوهري : ركن الشيء جانبه الأقوى وهو يأوي إلى ركن شديد : أي عز ومنعة وقال ابن زيد ومجاهد وغيرهما : الركن جمعه وجنوده الذين كان يتقوى بهم ومنه قوله تعالى :﴿ أو آوي إلى ركن شديد ﴾ أي عشيرة ومنعة وقيل الركن : نفس القوة وبه قال قتادة وغيره ومنه قول عنترة :

( فما أوهي مراس الحرب ركني ولكن ما تقادم من زماني )
﴿ وقال ساحر أو مجنون ﴾ أي قال فرعون : في حق موسى هو ساحر أو مجنون فردد فيما رآه من أحوال موسى بين كونه ساحرا أو مجنونا وهذا من اللعين مغالطة وإيهام لقومه فإنه يعلم أن ما رآه من الخوارق لا يتيسر على يد ساحر ولا يفعله من به جنون وقيل إن أو بمعنى الواو لأنه قد قال ذلك جميعا ولم يتردد قاله المؤرج والفراء كقوله :﴿ ولا تطع منهم آثما أو كفورا ﴾
٤٠ - ﴿ فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم ﴾ أي طرحناهم في البحر وجملة ﴿ وهو مليم ﴾ في محل نصب على الحال : أي آت بما يلام عليه حين ادعى الربوبية وكفر بالله وطغى في عصيانه
٤١ - ﴿ وفي عاد ﴾ أي وتركنا في قصة عاد آية ﴿ إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم ﴾ وهي التي لا خير فيها ولا بركة لا تلقح شجرا ولا تحمل مطرا إنما هي ريح الإهلاك والعذاب
ثم وصف سبحانه هذه الريح فقال : ٤٢ - ﴿ ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم ﴾ أي ما تذر من شيء مرت عليه من أنفسهم وأنعامهم وأموالهم إلا جعلته كالشيء الهالك البالي قال الشاعر :
( تركتني حين كف الدهر من بصري وإذ بقيت كعظم الرمة البالي )
وقال قتادة : إنه الذي ديس من يابس النبات وقال السدي وأبو العالية : إنه التراب المدقوق وقال قطرب : إنه الرماد وأصل الكلمة من رم العظم : إذا بلي فهو رميم والرمة : العظام البالية
٤٣ - ﴿ وفي ثمود إذ قيل لهم تمتعوا حتى حين ﴾ أي وتركنا في قصة ثمود آية وقت قلنا لهم عيشوا متمتعين بالدنيا إلى حين وقت الهلاك وهو ثلاثة أيام كما في قوله :﴿ تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ﴾
٤٤ - ﴿ فعتوا عن أمر ربهم ﴾ أي تكبروا عن امتثال أمر الله ﴿ فأخذتهم الصاعقة ﴾ وهي كل عذاب مهلك قرأ الجمهور ﴿ الصاعقة ﴾ وقرأ عمر بن الخطاب وحميد وابن محيصن ومجاهد والكسائي ﴿ الصاعقة ﴾ وقد مر الكلام على الصاعقة في البقرة وفي مواضع ﴿ وهم ينظرون ﴾ أي يرونها عيانا والجملة في محل نصب على الحال وقيل إن المعنى : ينتظرون ما وعدوه من العذاب والأول أولى


الصفحة التالية
Icon