٣٩ - ﴿ فتولى بركنه ﴾ التولي : الإعراض والركن : الجانب قاله الأخفش والمعنى : أعرض بجانبه كما في قوله :﴿ أعرض ونأى بجانبه ﴾ قال الجوهري : ركن الشيء جانبه الأقوى وهو يأوي إلى ركن شديد : أي عز ومنعة وقال ابن زيد ومجاهد وغيرهما : الركن جمعه وجنوده الذين كان يتقوى بهم ومنه قوله تعالى :﴿ أو آوي إلى ركن شديد ﴾ أي عشيرة ومنعة وقيل الركن : نفس القوة وبه قال قتادة وغيره ومنه قول عنترة :
( فما أوهي مراس الحرب ركني | ولكن ما تقادم من زماني ) |
٤٠ - ﴿ فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم ﴾ أي طرحناهم في البحر وجملة ﴿ وهو مليم ﴾ في محل نصب على الحال : أي آت بما يلام عليه حين ادعى الربوبية وكفر بالله وطغى في عصيانه
٤١ - ﴿ وفي عاد ﴾ أي وتركنا في قصة عاد آية ﴿ إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم ﴾ وهي التي لا خير فيها ولا بركة لا تلقح شجرا ولا تحمل مطرا إنما هي ريح الإهلاك والعذاب
ثم وصف سبحانه هذه الريح فقال : ٤٢ - ﴿ ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم ﴾ أي ما تذر من شيء مرت عليه من أنفسهم وأنعامهم وأموالهم إلا جعلته كالشيء الهالك البالي قال الشاعر :
( تركتني حين كف الدهر من بصري | وإذ بقيت كعظم الرمة البالي ) |
٤٣ - ﴿ وفي ثمود إذ قيل لهم تمتعوا حتى حين ﴾ أي وتركنا في قصة ثمود آية وقت قلنا لهم عيشوا متمتعين بالدنيا إلى حين وقت الهلاك وهو ثلاثة أيام كما في قوله :﴿ تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ﴾
٤٤ - ﴿ فعتوا عن أمر ربهم ﴾ أي تكبروا عن امتثال أمر الله ﴿ فأخذتهم الصاعقة ﴾ وهي كل عذاب مهلك قرأ الجمهور ﴿ الصاعقة ﴾ وقرأ عمر بن الخطاب وحميد وابن محيصن ومجاهد والكسائي ﴿ الصاعقة ﴾ وقد مر الكلام على الصاعقة في البقرة وفي مواضع ﴿ وهم ينظرون ﴾ أي يرونها عيانا والجملة في محل نصب على الحال وقيل إن المعنى : ينتظرون ما وعدوه من العذاب والأول أولى