١٦ - ﴿ اصلوها فاصبروا أو لا تصبروا ﴾ أي إذا لم يمكنكم إنكارها وتحققتم أن ذلك ليس بسحر ولم يكن في أبصاركم خلل فالآن ادخلوها وقاسوا شدتها فاصبروا على العذاب أو لا تصبروا وافعلوا ما شئتم فالأمران ﴿ سواء عليكم ﴾ في عدم النفع قيل أيضا تقول لهم الملائكة هذا القول وسواء خبر مبتدأ محذوف : أي الأمران سواء ويجوز أن يكون مبتدأ والخبر محذوف : أي سواء عليكم الصبر وعدمه وجملة ﴿ إنما تجزون ما كنتم تعملون ﴾ تعليل للاستواء فإن الجزاء بالعمل إذا كان واقعا حتما كان الصبر وعدمه سواء
١٧ - ﴿ إن المتقين في جنات ونعيم ﴾ لما فرغ سبحانه من ذكر حال المجرمين ذكر حال المتقين وهذه الجملة يجوز أن تكون مستأنفة ويجوز أن تكون من جملة ما يقال للكفار زيادة في غمهم وحسرتهم والتنوين ﴿ في جنات ونعيم ﴾ للتفخيم
١٨ - ﴿ فاكهين بما آتاهم ربهم ﴾ يقال رجل فاكه : أي ذو فاكهة كما قيل لابن وتامر والمعنى : أنهم ذوو فاكهة من فواكه الجنة وقيل ذوو نعمة وتلذذ بما صاروا فيه مما أعطاهم الله عز و جل مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وقد تقدم بيان معنى هذا قرأ الجمهور ﴿ فاكهين ﴾ بالألف والنصب على الحال وقرأ خالد فاكهون بالرفع على أنه خبر بعد خبر وقرأ ابن عباس فكهين بغير ألف والفكه : طيب النفس كما تقدم في الدخان ويقال للأشر والبطر ولا يناسب التفسير به هنا ﴿ ووقاهم ربهم عذاب الجحيم ﴾ معطوف على آتاهم أو على خبر إن أو الجملة في محل نصب على الحال بإضمار قد
١٩ - ﴿ كلوا واشربوا هنيئا ﴾ أي يقال لهم ذلك والهنيء : ما لا تنغيص فيه ولا نكد ولا كدر قال الزجاج : أي ليهنئكم ما صرتم إليه هناء والمعنى : كلوا طعاما هنيئا واشربوا شرابا هنيئا وقد تقدم تفسي هنيئا في سورة النساء وقيل معنى هنيئا : أنكم لا تموتون
٢٠ - ﴿ متكئين على سرر مصفوفة ﴾ انتصابه على الحال من فاعل كلوا أو من مفعول آتاهم أو من مفعول وقاهم أو من المضير المستكن في الظرف أو من الضمير في فاكهين قرأ الجمهور ﴿ على سرر ﴾ بضم الراء الأولى وقرأ أبو السماك بفتحها والسرر جمع سرير والمصفوفة المتصل بعضها ببعض حتى تصير صفا ﴿ وزوجناهم بحور عين ﴾ أي قرناهم بها قال يونس بن حبيب : تقول العرب زوجته امرأة وتزوجت بامرأة وليس من كلام العرب زوجته بامرأة قال وقول الله تعالى :﴿ وزوجناهم بحور عين ﴾ أي قرناهم بهن وقال الفراء : زوجته بامرأة لغة أزدشنوءة وقد تقدم تفسير الحور العين في سورة الدخان قرأ الجمهور ﴿ بحور عين ﴾ من غير إضافة وقرأ عكرمة بإضافة الحور إلى العين
وقد أخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس ﴿ والطور ﴾ قال : جبل وأخرج ابن مردويه عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :[ الطور جبل من جبال الجنة ] وكثير ضعيف جدا وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس ﴿ في رق منشور ﴾ قال : في الكتاب وأخرج ابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :[ البيت المعمور في السماء السابعة يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه حتى تقول الساعة ] وفي الصحيحين وغيرهما : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال في حديث الإسراء بعد مجاوزته إلى السماء السابعة :[ ثم رفع إلي البيت المعمور وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه ] وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن الأنباري في المصاحف عن أبي الطفيل أن ابن الكواء سأل عليا عن البيت المعمو فقال : ذلك الضراح بيت فوق سبع سموات تحت العرض يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ثم لا يعودون إليه أبدا إلى يوم القيامة وأخرج ابن جرير نحوه عن ابن عباس وأخرج ابن مردويه عن عبد الله ابن عمرو رفعه قال : إن البيت المعمو لبحيال الكعبة لو سقط منه شيء لسقط عليها يصلي فيه كل يوم سبعون ألفا ثم لا يعودون إليه وأخرج الطبراني وابن مردويه عن ابن عباس نحوه وضعف إسناده السيوطي وأخرج ابن راهويه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن علي بن أبي طالب في قوله :﴿ والسقف المرفوع ﴾ قال : السماء وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن جرير وابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب في قوله :﴿ والبحر المسجور ﴾ قال : بحر في السماء تحت العرش وأخرج ابن جرير عن ابن عمر مثله وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : المسجور المحبوس وأخرج ابن المنذر عنه قال : المسجور المرسل وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضا ﴿ يوم تمور السماء مورا ﴾ قال : تحرك وفي قوله :﴿ يوم يدعون ﴾ قال : يدفعون وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه أيضا : يوم يدعون ﴿ إلى نار جهنم دعا ﴾ قال : يدفع في أعناقهم حتى يردوا النار وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضا في قوله :﴿ كلوا واشربوا هنيئا ﴾ أي لا تموتون فيها فعندها قالوا :﴿ أفما نحن بميتين * إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين ﴾