٣٣ - ﴿ أم يقولون تقوله ﴾ أي اختلق القرآن من جهة نفسه وافتعله والتقول لا يستعمل إلا في الكذب في الغالب وإن كان أصله تكلف القول ومنه اقتال عليه ويقال اقتال عليه : بمعنى تحكم عليه ومنه قول الشاعر :

( ومنزلة في دار صدق وغبطة وما اقتال في حكم علي طبيب )
ثم أضرب سبحانه عن قوله :﴿ تقوله ﴾ وانتقل إلى ما هو أشد شناعة عليهم فقال :
﴿ بل لا يؤمنون ﴾ أي سبب صدور هذه الأقوال المتناقضة عنهم كونهم كفارا لا يؤمنون بالله ولا يصدقون ما جاء به رسوله صلى الله عليه و سلم
ثم تحداهم سبحانه وألزمهم الحجة فقال : ٣٤ - ﴿ فليأتوا بحديث مثله ﴾ أي مثل القرآن في نظمه وحسن بيانه وبديع أسلوبه ﴿ إن كانوا صادقين ﴾ فيما زعموا من قولهم : إن محمدا صلى الله عليه و سلم تقوله وجاء به من جهة نفسه مع أنه كلام عربي وهم رؤوس العرب وفصحاؤهم والممارسون لجميع الأوضاع العربية من نظم ونثر
وقد أخرج سعيد بن منصور وهناد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم والبيهقي عن ابن عباس قال :[ إن الله ليرفع ذرية المؤمن معه في درجته في الجنة وإن كانوا دونه في العمل لتقر به عينه ثم قرأ ﴿ والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم ﴾ الآية ] وأخرجه البزار وابن مردويه عنه مرفوعا وأخرج الطبراني وابن مردويه عنه أيضا أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :[ إذا دخل الرجل الجنة سأل عن أبويه وزوجته وولده فيقال إنهم لم يبلغوا درجتك وعملك فيقول : يا رب قد عملت لي ولهم فيؤمر بإلحاقهم به وقرأ ابن عباس ﴿ والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم ﴾ ] الآية وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد المسند عن علي بن أبي طالب قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :[ إن المؤمنين وأولادهم في الجنة وإن المشركين وأولادهم في النار ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه و سلم ﴿ والذين آمنوا ﴾ الآية ] وإسناده هكذا قال عبد الله بن أحمد : حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا محمد بن فضيل عن محمد بن عثمان عن زاذان عن علي بن أبي طالب قال :[ سألت خديجة النبي صلى الله عليه و سلم عن ولدين ماتا لها في الجاهلية فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : هما في النار فلما رأى الكراهة في وجهها قال : لو رأيت مكانهما لأبغضتهما قالت : يا رسول الله فولدي منك قال : في الجنة قال : ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن المؤمنين وأولادهم في الجنة وإن المشركين وأولادهم في النار ثم قرأ ﴿ والذين آمنوا ﴾ ] الآية وقال الإمام أحمد في المسند : حدثنا يزيد حدثنا حماد بن سلمة عن عاصم بن أبي النجود عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :[ إن الله ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة فيقول : يا رب من أين لي هذا فيقول باستغفار ولدك لك ] وإسناده صحيح وأخرج ابن جرير وابن المنذر والحاكم عن ابن عباس ﴿ وما ألتناهم ﴾ قال : ما نقصناهم وأخرج ابن أبي حاتم عنه ﴿ لا لغو فيها ﴾ يقول : باطل ﴿ ولا تأثيم ﴾ يقول كذب وأخرج البزار عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :[ إذا دخل أهل الجنة الجنة اشتاقوا إلى الإخوان فيجيء سرير هذا حتى يحاذي سرير هذا فيتحدثان فيتكئ ذا ويتكئ ذا فيتحدثان بما كانوا في الدنيا فيقول أحدهما : يا فلان تدري أي يوم غفر الله لنا ؟ يوم كنا في موضع كذا وكذا فدعونا الله فغفر لنا ] وأخرج ابن المنذر عن عائشة قالت : لو فتح الله على أهل الأرض من عذاب السموم قدر الأنملة لأحرقت الأرض ومن عليها وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ إنه هو البر ﴾ قال : اللطيف وأخرج ابن إسحاق وابن جرير عنه أن قريشا لما اجتمعوا إلى دار الندوة في أمر النبي صلى الله عليه و سلم قال قائل منهم احبسوه في وثاق وتربصوا به المنون حتى يهلك كما هلك من قبله من الشعراء : زهير والنابغة إنما هو كأحدهم فأنزل الله في ذلك ﴿ أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون ﴾ وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضا في قوله :﴿ ريب المنون ﴾ قال : الموت


الصفحة التالية
Icon