٥٧ - ﴿ فبأي آلاء ربكما تكذبان ﴾ فإن في مجرد هذا الترغيب في هذه النعم نعمة جليلة ومنة عظيمة لأن به يحصل الحرص على الأعمال الصالحة والفرار من الأعمال الطالحة فكيف بالوصول إلى هذه النعم والتنعم بها في جنات النعيم بلا انقطاع ولا زوال
٥٨ - ﴿ كأنهن الياقوت والمرجان ﴾ هذا صفة لقاصرات أو حال منهن شبههن سبحانه في صفاء اللون من حمرته بالياقوت والمرجان والياقوت هو الحجر المعروف والمرجان قد قدمنا الكلام فيه في هذه السورة على الخلاف في كونه صغار الدر أو الأحمر المعروف قال الحسن : هن في صفاء الياقوت وبياض المرجان وإنما خص المرجان على القول بأنه صغار الدر لأن صفاءها أشد من صفاء كبار الدر
٥٩ - ﴿ فبأي آلاء ربكما تكذبان ﴾ فإن نعمه كلها لا يتيسر تكذيب شيء منها كائنة ما كانت فكيف بهذه النعم الجليلة والمنن الجزيلة
٦٠ - ﴿ هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ﴾ هذه الجملة مقررة لمضمون ما قبلها والمعنى ما جزاء من أحسن العمل في الدنيا إلا الإحسان إليه في الآخرة كذا قال ابن زيد وغيره قال عكرمة : هل جزاء من قال : لا إله إلا الله إلا الجنة وقال الصادق : هل جزاء من أحسنت إليه في الأزل إلا حفظ الإحسان عليه في الأبد قال الرازي : في هذه الآية وجوه كثيرة حتى قيل : إن في القرآن ثلاث آيات في كل واحدة منها مائة قوله : إحداها قوله تعالى :﴿ فاذكروني أذكركم ﴾ وثانيها ﴿ وإن عدتم عدنا ﴾ وثالثها ﴿ هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ﴾ قال محمد بن الحنفية : هي للبر والفاجر : البر في الآخرة والفاجر في الدنيا
٦١ - ﴿ فبأي آلاء ربكما تكذبان ﴾ فإن من جملتهم الإحسان إليكم في الدنيا والآخرة بالخلق والرزق والإرشاد إلى العمل الصالح والزجر عن العمل الذي لا يرضاه
٦٢ - ﴿ ومن دونهما جنتان ﴾ أي ومن دون تينك الجنتين الموصوفتين بالصفات المتقدمة جنتان أخريان لمن دون أصحاب الجنتين السابقتين من أهل الجنة ومعنى من دونهما : أي من أمامهما ومن قبلهما : أي هما أقرب منهما وأدنى إلى العرش وقيل الجنتان الأوليان جنة عدن وجنة النعيم والأخريان جنة الفردوس وجنة المأوى قال ابن جريح : هي أربع جنات : جنتان منهما للسابقين المقربين ﴿ فيهما من كل فاكهة زوجان ﴾ وعينان تجريان وجنتان لأصحاب اليمين ﴿ فيهما فاكهة ونخل ورمان ﴾ و ﴿ فيهما عينان نضاختان ﴾ قال ابن زيد : إن الأوليين من ذهب للمقربين والأخريين من ورق لأصحاب اليمين


الصفحة التالية
Icon