٩ - ﴿ قل أرأيتم ﴾ أي أخبروني ﴿ إن كان من عند الله ﴾ يعني ما يوحى إليه من القرآن وقيل المراد محمد رسول الله صلى الله عليه و سلم والمعنى : إن كان مرسلا من عند غير الله وقوله :﴿ وكفرتم به ﴾ في محل نصب على الحال بتقدير قد وكذلك قوله :﴿ وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله ﴾ والمعنى : أخبروني إن كان ذلك في الحقيقة من عند الله والحال أنكم قد كفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل العالمين بما أنزل الله في التوراة على مثله : أي القرآن من المعاني الموجودة في التوراة المطابقة له من إثبات التوحيد والبعث والنشور وغير ذلك وهذه المثلية هي باعتبار تطابق المعاني وإن اختلفت الألفاظ وقال الجرجاني : مثل صلة والمعنى : وشهد شاهد عليه أنه من عند الله وكذا قال الواحدي :﴿ فآمن ﴾ الشاهد بالقرآن لما تبين له أنه من كلام الله ومن جنس ما ينزله على رسله وهذا الشاهد من بني إسرائيل هو عبد الله بن سلام كما قال الحسن ومجاهد وقتادة وعكرمة وغيرهم وفي هذا نظر فإن السورة مكية بالإجماع وعبد الله بن سلام كان إسلامه بعد الهجرة فيكون المراد بالشاهد رجلا من أهل الكتاب قد آمن بالقرآن في مكة وصدقه واختار هذا ابن جرير وسيأتي في آخر البحث ما يترجح به أنه عبد الله بن سلام وأن هذه الآية مدنية لا مكية وروي عن مسروق أن المراد بالرجل موسى عليه السلام وقوله :﴿ واستكبرتم ﴾ معطوف على شهد : أي آمن الشاهد واستكبرتم أنتم عن الإيمان ﴿ إن الله لا يهدي القوم الظالمين ﴾ فحرمهم الله سبحانه الهداية لظلمهم لأنفسهم بالكفر بعد قيام الحجة الظاهرة على وجوب الإيمان ومن فقد هداية الله له ضل
وقد اختلف في جواب الشرط ماذا هو ؟ فقال الزجاج : محذوف تقديره أتؤمنون وقيل قوله :﴿ فآمن واستكبرتم ﴾ وقيل محذوف تقديره : فقد ظلمتم لدلالة ﴿ إن الله لا يهدي القوم الظالمين ﴾ عليه وقيل تقديره : فمن أضل منكم كما في قوله :﴿ أرأيتم إن كان من عند الله ثم كفرتم به من أضل ﴾ الآية وقال أو علي الفارسي تقديره أتأمنون عقوبة الله وقيل التقدير : ألستم ظالمين