٣ - ﴿ والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا ﴾ لما ذكر سبحانه الظهار إجمالا ووبخ فاعليه شرع في تفصيل أحكامه والمعنى : والذين يقولون ذلك القول المنكر الزور ثم يعودون لما قالوا : أي إلى ما قالوا بالتدارك والتلافي كما في قوله :﴿ أن تعودوا لمثله ﴾ أي إلى مثله قال الأخفش : لما قالوا وإلى ما قالوا يتعاقبان قال :﴿ وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا ﴾ وقال :﴿ فاهدوهم إلى صراط الجحيم ﴾ وقال :﴿ بأن ربك أوحى لها ﴾ وقال :﴿ وأوحي إلى نوح ﴾ وقال الفراء : اللام بمعنى [ عن ] والمعنى : ثم يرجعون عما قالوا ويريدون الوطء وقال الزجاج : المعنى ثم يعودون إلى إرادة الجماع من أجل ما قالوا قال الأخفش أيضا : الآية فيها تقديم وتأخير والمعنى : والذين يظهرون من نسائهم ثم يعودون لما كانوا عليه من الجماع ﴿ فتحرير رقبة ﴾ لما قالوا : أي فعليهم تحرير رقبة من أجل ما قالوا فالجار في قوله :﴿ لما قالوا ﴾ متعلق بالمحذوف الذي هو خبر المبتدأ وهو فعليهم
واختلف أهل العلم في تفسير العود المذكور على أقوال : الأول أنه العزم على الوطء وبه قال العراقيون أبو حنيفة وأصحابه وروي عن مالك وقيل هو الوطء نفسه وبه قال الحسن وروي أيضا عن مالك وقيل هو أن ممسكها زوجة بعد الظهار مع القدرة على الطلاق وبه قال الشافعي وقيل هو الكفارة والمعنى : أنه لا يستبيح وطأها إلا بكفارة وبه قال الليث بن سعد وروي عن أبي حنيفة وقيل هو تكرير الظهار بلفظه وبه قال أهل الظاهر وروي عن بكير بن الأشج وأبي العالية والفراء والمعنى : ثم يعودون إلى قول ما قالوا والموصول مبتدأ وخبره ﴿ فتحرير رقبة ﴾ على تقدير فعليهم تحرير رقبة كما تقدم أو فالواجب عليهم إعتاق رقبة يقال حررته : أي جعلته حرا والظاهر أنها تجزئ أي رقبة كانت وقيل يشترط أن تكون مؤمنة كالرقبة في كفارة القتل وبالأول قال أبو حنيفة وأصحابه وبالثاني قال مالك والشافعي واشترطا أيضا سلامتها من كل عيب ﴿ من قبل أن يتماسا ﴾ المراد بالتماس هنا الجماع وبه قال الجمهور فلا يجوز للمظاهر الوطء حتى يكفر وقيل إن المراد به الاستمتاع بالجماع أو اللمس أو النظر إلى الفرج بشهوة وبه قال مالك وهو أحد قول الشافعي والإشارة بقوله :﴿ ذلكم ﴾ إلى الحكم المذكور وهو مبتدأ وخبره ﴿ توعظون به ﴾ أي تؤمرون به أو تزجرون به عن ارتكاب الظهار وفيه بيان لما هو المقصود من شرع الكفارة قال الزجاج : معنى الآية ذلكم التغليظ في الكفارة توعظون به : أي إن غلظ الكفارة وعظ لكم حتى تتركوا الظهار ﴿ والله بما تعملون خبير ﴾ لا يخفى عليه شيء من أعمالكم فهو مجازيكم عليها