ثم أكد سبحانه بيان كونه عالما بكل شيء فقال : ٧ - ﴿ ألم تر أن الله يعلم ما في السموات وما في الأرض ﴾ أي ألم تعلم أن علمه محيط بما فيهما بحيث لا يخفى عليه شيء مما فيهما وجملة ﴿ ما يكون من نجوى ثلاثة ﴾ الخ مستأنفة لتقرير شمول علمه وإحاطته بكل المعلومات قرأ الجمهور ﴿ يكون ﴾ بالتحتية وقرأ أبو جعفر بن القعقاع والأعرج وأبو حيوة بالفوقية وكان على القراءتين تامة ومن مزيدة للتأكيد ونجوى فاعل كان والنجوى السرار يقال : قوم نجوى : أي ذو نجوى وهي مصدرية والمعنى : ما يوجد من تناجي ثلاثة أو من ذوي نجوى ويجوز أن تطلق النجوى على الأشخاص المتناجين فعلى الوجه الأول انخفاض ثلاثة بإضافة نجوى إليه وعلى الوجهين الآخرين يكون انخفاضها على البدل من نجوى أو الصفة لها قال الفراء : ثلاثة نعت للنجوى فانخفضت وإن شئت أضفت نجوى إليها ولو نصبت على إضمار فعل جاز وهي قراءة ابن أبي عبلة ويجوز رفع ثلاثة على البدل من موضع نجوى ﴿ إلا هو رابعهم ﴾ هذه الجملة في موضع نصب على الحال وكذا قوله :﴿ إلا هو سادسهم ﴾ ﴿ إلا هو معهم ﴾ أي ما يوجد شيء من هذه الأشياء إلا في حال من هذه الأحوال فالاستثناء مفرغ من أعم الأحوال ومعنى رابعهم جاعلهم أربعة وكذا سادسهم جاعلهم ستة من حيث إنه يشاركهم في الاطلاع على تلك النجوى ﴿ ولا خمسة ﴾ أي ولا نجوى خمسة وتخصيص العددين بالذكر لأن أغلب عادات المتناجين أن يكونوا ثلاثة أو خمسة أو كانت الواقعة التي هي سبب النزول في متناجين كانوا ثلاثة في موضع وخمسة في موضع قال الفراء : العدد غير مقصود لأنه سبحانه مع كل عدد قل أو كثر يعلم السر والجهر لا تخفى عليه خافية ﴿ ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم ﴾ أي ولا أقل من العدد المذكور : كالواحد والاثنين ولا أكثر منه : كالستة والسبعة إلا هو معهم يعلم ما يتناجون به لا يخفى عليه منه شيء قرأ الجمهور ﴿ ولا أكثر ﴾ بالجر بالفتحة عطفا على لفظ نجوى وقرأ الحسن والأعمش وابن أبي إسحاق وأبو حيوة ويعقوب وأبو العالية ونصر وعيسى بن عمر وسلام بالرفع عطفا على محل نجوى وقرأ الجمهور ﴿ ولا أكثر ﴾ بالمثلثة وقرأ الزهري وعكرمة بالموحدة قال الواحدي : قال المفسرون : إن المنافقين واليهود كانوا يتناجون فيما بينهم ويوهمون المؤمنين أنهم يتناجون فيما يسوءهم فيحزنون لذلك فلما طال ذلك وكثر شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فأمرهم أن لا يتناجوا دون المسلمين فلم ينتهوا عن ذلك وعادوا إلى مناجاتهم فأنزل الله هذه الآيات ومعنى ﴿ أين ما كانوا ﴾ إحاطة عمله بكل تناج يكون منهم في أي مكان من الأمكنة ﴿ ثم ينبئهم ﴾ أي يخبرهم ﴿ بما عملوا يوم القيامة ﴾ توبيخا لهم وتبكيتا وإلزاما للحجة ﴿ إن الله بكل شيء عليم ﴾ لا يخفى عليه شيء كائنا ما كان