لما ذكر سبحانه من شكر نعمة الله سبحانه عليه وعلى والديه ذكر من قال لهما قولا يدل على التضجر منهما عند دعوتهما له إلى الإيمان فقال : ١٦ - ﴿ والذي قال لوالديه أف لكما ﴾ الموصول عبارة عن الجنس القائل ذلك القول ولهذا أخبر عنه بالجمع وأف كلمة تصدر عن قائلها عند تضجره من شيء يرد عليه قرأ نافع وحفص ﴿ أف ﴾ بكسر الفاء مع التنوين وقرأ ابن كثير وابن عامر وابن محيصن بفتحها من غير تنوين وقرأ الباقون بكسر من غير تنوين وهي لغات وقد مضى بيان الكلام في هذا في سورة بني إسرائيل واللام في قوله ﴿ لكما ﴾ لبيان التأفيف : أي التأفيف لكما كما في قوله :﴿ هيت لك ﴾ قرأ الجمهور ﴿ أتعدانني ﴾ بنونين مخففتين وفتح ياءه أهل المدينة ومكة وأسكنها الباقون وقرأ أبو حيوة والمغيرة وهشام بإدغام إحدى النونين في الأخرى ورويت هذه القراءة عن نافع وقرأ الحسن وشيبة وأبو جعفر وعبد الوارث عن أبي عمرو بفتح النون الأولى كأنهم فروا من توالي مثلين مكسورين وقرأ الجمهور ﴿ أن أخرج ﴾ بضم الهمزة وفتح الراء مبينا للمفعول وقرأ الحسن ونصر وأبو العالية والأعمش وأبو معمر بفتح الهمزة وضم الراء مبينا للفاعل والمعنى : أتعدانني أنني أن أبعث بعد الموت وجملة ﴿ وقد خلت القرون من قبلي ﴾ في محل نصب على الحال : أي والحال أن قد مضت القرون من قبلي فماتوا ولم يبعث منهم أحد وهكذا جملة ﴿ وهما يستغيثان الله ﴾ في محل نصب على الحال : أي والحال أنهما يستغيثان الله له ويطلبان منه التوفيق إلى الإيمان واستغاث يتعدى بنفسه وبالباء : يقال استغاث الله واستغاث به وقال الرازي : معناه يستغيثان بالله من كفره فلما حذف الجار وصل الفعل وقيل الاستغاثة الدعاء فلا حاجة إلى الباء قال الفراء : يقال أجاب الله دعاءه وغواثه وقوله :﴿ ويلك ﴾ هو بتقدير القول : أي يقولان له ويلك وليس المراد به الدعاء عليه بل الحث له على الإيمان ولهذا قالا له :﴿ آمن إن وعد الله حق ﴾ أي آمن بالبعث إن وعد الله حق لا خلف فيه ﴿ فيقول ﴾ عند ذلك مكذبا لما قالاه :﴿ ما هذا إلا أساطير الأولين ﴾ أي ما هذا الذي تقولاته من البعث إلا أحاديث الأولين وأباطيلهم التي [ سطرونها ] في الكتب قرأ الجمهور :﴿ إن وعد الله ﴾ بكسر إن على الاستئناف أو التعليل وقرأ عمر بن فايد والأعرج بفتحها على أنها معمولة لآمن بتقدير الباء أي آمن بأن وعد الله بالبعث حق