١٠ - ﴿ والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار خالدين فيها وبئس المصير ﴾ المراد بالآيات إما التنزيلية أو ما هو أعم منها ذكر سبحانه حال السعداء وحال الأشقياء هاهنا لبيان ما تقدم من التغابن وأنه سيكون بسبب التفكير وإدخال الجنة للطائفة الأولى وبسبب إدخال الطائفة الثانية النار وخلودهم فيها
١١ - ﴿ ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ﴾ أي ما أصاب كل أحد من مصيبة من المصائب إلا بإذن الله : أي بقضائه وقدره قال الفراء إلا بإذن الله : أي بأمر الله وقيل إلا بعلم الله قيل وسبب نزولها أن الكفار قالوا : لو كان ما عليه المسلمون حقا لصانهم الله عن المصائب في الدنيا ﴿ ومن يؤمن بالله يهد قلبه ﴾ أي من يصدق ويعلم أنه لا يصيبه إلا ما قدره الله عليه يهد قلبه للصبر والرضا بالقضاء قال مقاتل بن حيان يهد قلبه عند المصيبة فيعلم أنها من الله فيسلم لقضائه ويسترجع وقال سعيد بن جبير يهد قلبه عند المصيبة فيقول ﴿ إنا لله وإنا إليه راجعون ﴾ وقال الكلبي هو إذا ابتلي صبر وإذا أنعم عليه شكر وإذا ظلم غفر قرأ الجمهور ﴿ يهد ﴾ بفتح الياء وكسر الدال : أي يهده الله وقرأ قتادة و السلمي و الضحاك و أبو عبد الرحمن بضم الياء وفتح الدال على البناء للمفعول وقرأ طلحة بن مصرف و الأعرج و سعيد بن جبير و ابن هرمز و الأزرق نهد بالنون وقرأ مالك بن دينار و عمرو بن دينار و عكرمة يهدأبهمزة ساكنة ورفع قلبه : أي يطمئن ويسكن ﴿ والله بكل شيء عليم ﴾ أي بليغ العلم لا تخفى عليه من ذلك خافية
١٢ - ﴿ وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول ﴾ أي هونوا على أنفسكم المصائب واشتغلوا بطاعة الله وطاعة رسوله ﴿ فإن توليتم ﴾ أي أعرضتم عن الطاعة ﴿ فإنما على رسولنا البلاغ المبين ﴾ ليس عليه غير ذلك وقد فعل وجواب الشرط محذوف والتقدير فلا بأس على الرسول وجملة ﴿ فإنما على رسولنا ﴾ تعليل للجواب المحذوف
ثم أرشد إلى التوحيد والتوكل فقال : ١٣ - ﴿ الله لا إله إلا هو ﴾ أي هو المستحق للعبودية دون غيره فوحدوه ولا تشركوا به ﴿ وعلى الله فليتوكل المؤمنون ﴾ أي يفوضوا أمورعم إليه ويعتمدوا عليه لا على غيره
وقد أخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبيهقي وابن مردويه عن ابن مسعود أنه قيل له : ما سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول في زعموا ؟ قال : سمعته يقول : بئس مطية الرجل وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عنه أنه كره زعموا وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : يوم التغابن من أسماء يوم القيامة وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عنه في قوله :﴿ ذلك يوم التغابن ﴾ قال : غبن أهل الجنة أهل النار وأخرج سعيد بن منصور عن ابن مسعود في قوله :﴿ ما أصاب من مصيبة ﴾ قال : هي المصيبات تصيب الرجل فيعلم أنها من عند الله فيسلم لها ويرضى وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ يهد قلبه ﴾ قال : يعني يهد قلبه لليقين فيعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه