قوله : ٩ - ﴿ يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين ﴾ أي بالسيف والحجة وقد تقدم الكلام على هذه الآية في سورة براءة ﴿ واغلظ عليهم ﴾ أي شدد عليهم في الدعوة واستعمل الخشونة في أمرهم بالشرائع قال الحسن : أي جاهدهم بإقامة الحدود عليهم فإنهم كانوا يرتكبون موجبات الحدود ﴿ ومأواهم جهنم ﴾ أي مصيرهم إليها : يعني الكفار والمنافقين ﴿ وبئس المصير ﴾ أي المرجع الذي يرجعون إليه
١٠ - ﴿ ضرب الله مثلا للذين كفروا ﴾ قد تقدم غير مرة أن المثل قد يراد به إيراد حالة غريبة يعرف بها حالة أخرى مماثلة لها في الغرابة : أي جعل الله مثلا لحال هؤلاء الكفرة وأنه لا يغني أحد عن أحد ﴿ امرأة نوح وامرأة لوط ﴾ هذا هو المفعول الأول ومثلا المفعول الثاني حسبما قدمنا تحقيقه وإنما أخر ليتصل به ما هو تفسير له وإيضاح لمعناه ﴿ كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين ﴾ وهما نوح ولوط : أي كانتا في عصمة نكاحهما ﴿ فخانتاهما ﴾ أي فوقعت منهما الخيانة لهما قال عكرمة والضحاك : بالكفر وقيل كانت امرأة نوح تقول للناس إنه مجنون وكانت امرأة لوط تخبر قومه بأضيافه وقد وقع الإجماع على أنه ما زنت امرأة نبي قط وقيل كانت خيانتهما النفاق وقيل خانتاهما بالنميمة ﴿ فلم يغنيا عنهما من الله شيئا ﴾ أي فلم ينفعهما نوح ولوط بسبب كونهما زوجتين لهما شيئا من النفع ولا دفعا عنهما من عذاب الله من كرامتهما على الله شيئا من الدفع ﴿ وقيل ادخلا النار مع الداخلين ﴾ أي وقيل لهما في الآخرة أو عند موتهما ادخلا النار مع الداخلين لها من أهل الكفر والمعاصي وقال يحيى بن سلام : ضرب الله مثلا للذين كفروا يحذر به عائشة وحفصة من المخالفة لرسول الله صلى الله عليه و سلم حين تظاهرتا عليه وما أحسن من قال فإن ذكر امرأتي النبيين بعد ذكر قصتهما ومظاهرتهما على رسول الله صلى الله عليه و سلم يرشد أتم إرشاد ويلوح أبلغ تلويح إلى أن المراد تخويفهما مع سائر أمهات المؤمنين وبيان أنهما وإن كانتا تحت عصمة خير خلق الله وخاتم رسله فإن ذلك لا يغني عنهما من الله شيئا وقد عصمهما الله عن ذنب تلك المظاهرة بما وقع منهما من التوبة الصحيحة الخالصة


الصفحة التالية
Icon