٣١ - ﴿ ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجز في الأرض ﴾ أي لا يفوت الله ولا يسبقه ولا يقدر على الهرب منه لأنه وإن هرب كل مهرب فهو في الأرض لا سبيل له إلى الخروج منها وفي هذا ترهيب شديد وليس له من دونه أولياء أي أنصار يمنعونه من عذاب الله بين سبحانه بعد استحالة نجاته بنفسه استحالة نجاته بواسطة غيره والإشارة بقوله :﴿ أولئك ﴾ إلى من لا يجب داعي الله وأخبر أنهم ﴿ في ضلال مبين ﴾ أي ظاهر واضح
ثم ذكر سبحانه دليلا على البعث فقال : ٣٢ - ﴿ أولم يروا أن الله الذي خلق السموات والأرض ﴾ الرؤية هنا هي القلبية التي بمعنى العلم والهمزة للإنكار والواو للعطف على مقدر : أي ألم يتفكروا ولم يعلموا أن الذي خلق هذه الأجرام العظام من السموات والأرض ابتداء ﴿ ولم يعي بخلقهن ﴾ أي لم يعجز عن ذلك ولا ضعف عنه يقال عي بالأمر وعيي : إذا لم يهتد لوجهه ومنه قول الشاعر :
( عيوا بأمرهم كما... عيت ببيضتها الحمامة )
قرأ الجمهور ولم يعي بسكون العين وفتح الياء مضارع عيي وقرأ الحسن بكسر العين وسكون الياء ﴿ بقادر على أن يحيي الموتى ﴾ قال أبو عبيدة والأخفش : الباء زائدة للتوكيد كما في قوله :﴿ وكفى بالله شهيدا ﴾ قال الكسائي والفراء والزجاج : العرب تدخل الباء مع الجحد والاستفهام فتقول ما أظنك بقائم والجار والمجرور في محل رفع على أنهما خبر لأن وقرأ ابن مسعود وعيسى بن عمر والأعرج والجحدي وابن أبي إسحاق ويعقوب وزيد بن علي ﴿ يقدر ﴾ على صيغة المضارع واختار أبو عبيدة القراءة الأولى واختار أبو حاتم القراءة الثانية قال : لأن دخول الباء في خبر أن قبيح ﴿ بلى إنه على كل شيء قدير ﴾ لا يعجزه شيء