لما ذكر سبحانه العرض ذكر ما يكون فيه فقال : ١٩ - ﴿ فأما من أوتي كتابه بيمينه ﴾ أي أعطي كتابه الذي كتبته الحفظة عليه من أعماله ﴿ فيقول هاؤم اقرؤوا كتابيه ﴾ يقول ذلك سرورا وابتهاجا قال ابن السكيت والكسائي : العرب تقول : ها يا رجل وللاثنين هاؤما يا رجلان وللجمع هاؤم يا رجال قيل والأصل هاؤكم فأبدلت الهمزة من الكاف قال ابن زيد : ومعنى هاؤم تعالوا وقال مقاتل : هلم وقيل خذوا فهي اسم فعل وقد يكون فعلا صريحا لاتصال الضمائر البارزة المرفوعة بها وفيها ثلاث لغات كما هو معروف في علم الإعراب وقوله : كتابيه معمول لقوله : اقرأوا لأنه أقرب الفعلين ومعمول هاؤم محذوف يدل عليه معمول اقرأوا والتقدير : هاؤم كتابيه اقرأوا كتابيه والهاء في كتابيه وحسابيه وسلطانيه وماليه هي هاء السكت قرأ الجمهور في هذه بإثبات الهاء وقفا ووصلا مطابقة لرسم المصحف ولولا ذلك لحذفت في الوصل كما هو شأن هاء السكت واختار أبو عبيد أن يتعمد الوقف عليها ليوافق اللغة في إلحاق الهاء في السكت ويوافق الخط يعني خط المصحف وقرأ ابن محيصن وابن أبي إسحاق وحميد ومجاهد والأعمش ويعقوب بحذفها وصلا وإثباتا وقفا في جميع هذه الألفاظ ورويت هذه القراءة عن حمزة واختار أبو حاتم هذه القراءة اتباعا للغة وروي عن ابن محيصن أنه قرأ بحذفها وصلا ووقفا
٢٠ - ﴿ إني ظننت أني ملاق حسابيه ﴾ أي علمت وأيقنت في الدنيا أني أحاسب في الآخرة وقيل المعنى : إني ظننت أن يأخذني الله بسيئاتي فقد تفضل علي بعفوه ولم يؤاخذني قال الضحاك : كل ظن في القرآن من المؤمن فهو يقين ومن الكافر فهو شك قال مجاهد : ظن الآخرة يقين وظن الدنيا شك قال الحسن في هذه الآية : إن المؤمن أحسن الظن بربه فأحسن العمل للآخرة وإن الكافر أساء الظن بريه فأساء العمل قيل والتعبير بالظن هنا للإشعار بأنه لا يقدح في الاعتقاد ما يهجس في النفس من الخطرات التي لا تنفك عنها العلوم النظرية غالبا
٢١ - ﴿ فهو في عيشة راضية ﴾ أي في عيشة مرضية لا مكروهة أو ذات رضى : أي يرضى بها صاحبها قال أبو عبيدة والفراء : راضية أي مرضية كقوله :﴿ ماء دافق ﴾ أي مدفوق فقد أسند إلى العيشة ما هو لصاحبها فكان ذلك من [ المجاز ] في الإسناد