قوله : ٢١ - ﴿ قال نوح رب إنهم عصوني ﴾ أي استمروا على عصياني ولم يجيبوا دعوتي شكاهم إلى الله عز و جل وأخره بأنهم عصوه ولم يتبعوه وهو أعلم بذلك ﴿ واتبعوا من لم يزده ماله وولده إلا خسارا ﴾ أي اتبع الأصاغر رؤساءهم وأهل الثروة منهم الذين لم يزدهم كثرة المال والولد إلا ضلالا في الدنيا وعقوبة في الآخرة قول أهل المدينة والشام وعاصم ﴿ وولده ﴾ بفتح الواو واللام وقرأ الباقون بسكون اللام وهي لغة في الولد ويجوز أن يكون جمعا وقد تقدم تحقيقه ومعنى واتبعوا : أنهم استمروا على اتباعهم لا أنهم أحدثوا الاتباع
٢٢ - ﴿ ومكروا مكرا كبارا ﴾ أي مكرا كبيرا عظيما يقال : كبير وكبار وكبار مثل عجيب وعجاب وعجاب وجميل وجمال وجمال قال المبرد : كبارا بالتشديد للمبالغة ومثل كبارا قراء لكثير القراءة وأنشد ابن السكيت :

( بيضاء تصطاد القلوب وتستبي بالحسن قلب المسلم القراء )
قرأ الجمهور ﴿ كبارا ﴾ بالتشديد وقرأ ابن محيصن وحميد ومجاهد بالتخفيف قال أبو بكر : هو جمع كبير كأنه جعل مكرا مكان ذنوب أو أفاعيل فلذلك وصفه بالجمع وقال عيسى بن عمر : هي لغة يمانية
واختلف في مكرهم هذا ما هو ؟ فقيل هو تحريشهم سفلتهم على قتل نوح وقيل هو تغريرهم على الناس بما أوتوا من المال والولد حتى قال الضعفة : لولا على الحق لما أوتوا هذه النعم وقال الكلبي : هو ما جعلوه لله من الصاحبة والولد وقال مقاتل : هو قول كبرائهم لأتباعهم لا تذرن آلهتكم وقيل مكرهم كفرهم


الصفحة التالية
Icon