والاستثناء في قوله : ٢٣ - ﴿ إلا بلاغا من الله ﴾ هو من قوله لا أملك : أي لا أملك ضرا ولا رشدا إلا التبليغ من الله فإن فيه أعظم الرشد أو من ملتحدا : أي لن أجد من دونه ملجأ إلا التبليغ قال مقاتل : ذلك الذي يجيرني من عذابه وقال قتادة : إلا بلاغا من الله فذلك الذي أملكه بتوفيق الله فأما الكفر والإيمان فلا أملكهما قال الفراء : لكن أبلغكم ما أرسلت به فهو على هذا منقطع وقال الزجاج : هو منصوب على البدل من قوله ملتحدا أي ولن أجد من دونه ملتحدا إلا أن أبلغ ما يأتي من الله وقوله :﴿ ورسالاته ﴾ معطوف على بلاغا : أي إلا بلاغا عن الله وعن رسالاته كذا قال أبو حيان ورجحه ﴿ ومن يعص الله ورسوله ﴾ في الأمر بالتوحيد لأن السياق فيه ﴿ فإن له نار جهنم ﴾ قرأ الجمهور بكسر إن على أنها جملة مستأنفة وقرئ بفتح الهمزة لأن ما بعد فاء الجزاء موضع ابتداء والتقدير فجزاؤه أن له نار جهنم أو فحكمه أن له نار جهنم وانتصاب ﴿ خالدين فيها ﴾ على الحال : أي في النار أو في جهنم والجمع باعتبار معنى من كما أن التوحيد في قوله فإن له باعتبار لفظها وقوله :﴿ أبدا ﴾ تأكيد لمعنى الخلود : أي خالدين فيها بلا نهاية
٢٤ - ﴿ حتى إذا رأوا ما يوعدون ﴾ يعني من العذاب في الدنيا أو في الآخرة والمعنى لا يزالوان على ما هم عليه من الإصرار على الكفر وعداوة النبي صلى الله عليه و سلم والمؤمنين حتى إذا رأوا الذي يوعدون به ﴿ فسيعلمون من أضعف ناصرا وأقل عددا ﴾ أي من هو أضعف جندا ينتصر به وأقل عددا أهم أم المؤمنون ؟
٢٥ - ﴿ قل إن أدري أقريب ما توعدون ﴾ أي ما أدري أقريب حصول ما توعدون من العذاب ﴿ أم يجعل له ربي أمدا ﴾ أي غاية ومدة أمره الله سبحانه أن يقول لهم هذا القول لما قالوا له متى يكون هذا الذي توعدنا به ؟ قال عطاء : يريد أنه لا يعرف يوم القيامة إلا الله وحده والمعنى أن علم وقت العذاب علم غيب لا يعلمه إلا الله قرأ الجمهور ﴿ ربي ﴾ بإسكان الياء وقرأ الحرميان وأبو عمرو بفتحها ﴿ ومن ﴾ في من أضعف موصولة وأضعف خبر مبتدأ محذوف : أي هو أضعف والجملة صلة الموصول ويجوز أن تكون استفهامية مرتفعة على الابتداء وأضعف خبرها والجملة في محل نصب سادة مسد مفعولي أدري وقوله أقريب خبر مقدم وما توعدون مبتدأ مؤخر
٢٦ - ﴿ عالم الغيب ﴾ قرأ الجمهور بالرفع على أنه بدل من ربي أو بيان له أو خبر مبتدأ محذوف والجملة مستأنفة مقررة لما قبلها من عدم الدراية وقرئ بالنصب على المدح وقرأ السري علم الغيب بصيغة الفعل ونصب الغيب والفاء في ﴿ فلا يظهر على غيبه أحدا ﴾ لترتيب عدم الإظهار على تفرده بعلم الغيب : أي لا يطلع على الغيب الذي يعلمه وهو ما غاب عن العباد أحدا منهم