٣٠ - ﴿ عليها تسعة عشر ﴾ قال المفسرون : يقول على النار تسعة عشر من الملائكة هم خزنتها وقيل تسعة عشر صنفا من أصناف الملائكة وقيل تسعة عشر صفا من صفوفهم وقيل تسعة عشر نقيبا مع كل نقيب جماعة من الملائكة والأول أولى قال الثعلبي : ولا ينكر هذا فإذا كان ملك واحد يقبض أرواح جميع الخلائق كان أحرى أن يكونوا تسعة عشر على عذاب بعض الخلق قرأ الجمهور تسعة عشر بفتح الشين من عشر وقرأ أبو جعفر بن القعقاع وطلحة بن سليمان بإسكانها
وقد أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن جابر بن عبد الله أن أبا سلمة بن عبد الرحمن قال : إن أول ما نزل من القرآن ﴿ يا أيها المدثر ﴾ فقال له يحيى بن أبي كثير : يقولون إن أول ما نزل ﴿ اقرأ باسم ربك الذي خلق ﴾ فقال أبو سلمة : سألت جابر بن عبد الله عن ذلك قلت له مثل ما قلت فقال جابر : لا أحدثنك إلا ما حدثنا رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :[ جاورت بحراء فلما قضيت جواري هبطت فنوديت فنظرت عن يميني فلم أر شيئا ونظرت عن شمالي فلم أر شيئا ونظرت خلفي فلم أر شيئا فرفعت رأسي فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض فحثيت منه رعبا فرجعت فقلت دثروني فدثروني فنزلت ﴿ يا أيها المدثر * قم فأنذر ﴾ إلى قوله :﴿ والرجز فاهجر ﴾ ] وسيأتي في سورة اقرأ ما يدل على أنها أول سورة أنزلت والجمع ممكن وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس ﴿ يا أيها المدثر ﴾ فقال : دثر هذا الأمر فقم به وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عنه ﴿ يا أيها المدثر ﴾ قال : النائم ﴿ وثيابك فطهر ﴾ قال : لا تكن ثيابك التي تلبس من مكسب باطل ﴿ والرجز فاهجر ﴾ قال : الأصنام ﴿ ولا تمنن تستكثر ﴾ قال : لا تعط تلتمس بها أفضل منها وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عنه أيضا ﴿ وثيابك فطهر ﴾ قال : من الإثم قال : وهي في كلام العرب نقي الثياب وأخرج ابن مردويه عنه أيضا ﴿ وثيابك فطهر ﴾ قال : من الغدر لا تكن غدارا وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري وابن مردويه عن عكرمة عنه أيضا أنه سئل عن قوله :﴿ وثيابك فطهر ﴾ قال : لا تلبسها على غدرة ثم قال : ألا تسمعون قول غيلان بن سلمة :

( وإني بحمد الله لا ثوب فاجر لبست ولا من غدرة أتقنع )
وأخرج الطبراني والبيهقي في سننه عنه أيضا ﴿ ولا تمنن تستكثر ﴾ قال : لا تعط الرجل عطاء رجال أن يعطيك أكثر منه وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عنه أيضا ﴿ فإذا نقر في الناقور ﴾ قال : الصور ﴿ يوم عسير ﴾ قال : شديد وأخرج ابن مردويه عنه أيضا ﴿ ذرني ومن خلقت وحيدا ﴾ قال الوليد بن المغيرة وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل عنه أيضا : أن الوليد بن المغيرة جاء إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقرأ عليه القرآن فكأنه رق له فبلغ ذلك أبا جهل فأتاه فقال : يا عم إن قومك يريدون أن يجمعوا لك مالا ليعطوكه فإنك أتيت محمدا لتعرض لما قبله قال : قد علمت قريش أني من أكثرها مالا قال : فقل فيه قولا يبلغ قومك أنك منكر له وأنك كاره له قال : وماذا أقول ؟ فوالله ما فيكم رجل أعلم بالشعر مني لا برجزه ولا بقصيده ولا بأشعار الجن والله ما يشبه هذا الذي يقول شيئا من هذا ووالله إن لقوله الذي يقول لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإنه لمثمر أعلاه مغدق أسفله وإنه ليعلو وما يعلي وإنه ليحطم ما تحته قال : والله لا يرضى قومك حتى تقول فيه قال : فدعني حتى أفكر فلما فكر قال : هذا سحر يؤثر يأثره عن غيره فنزلت ﴿ ذرني ومن خلقت وحيدا ﴾ وأخرج هذا عبد الرزاق عن عكرمة مرسلا وكذا أخرجه ابن جرير وابن إسحاق وابن المنذر وغير واحد وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن عمر بن الخطاب أنه سئل عن قوله :﴿ وجعلت له مالا ممدودا ﴾ قال : غلة شهر بشهر وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس ﴿ وجعلت له مالا ممدودا ﴾ قال : ألف دينار وأخرج هناد عن أبي سعيد الخدري في قوله :﴿ سأرهقه صعودا ﴾ قال : هو جبل في النار يكلفون أن يصعدوا فيه فكلما وضعوا أبديهم عليه ذابت فإذا رفعوها عادت كما كانت وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس ﴿ عنيدا ﴾ قال : جحودا وأخرج أحمد والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :[ الصعود جبل في النار يصعد فيه الكافر سبعين خريفا ثم يهوي وهو كذلك فيه أبدا ] قال الترمذي بعد إخراجه : غريب لا نعرفه إلا من حديث ابن لهيعة عن دراج قال ابن كثير : وفيه غرابة ونكارة انتهى وقد أخرجه جماعة من قول أبي سعيد وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال :﴿ صعودا ﴾ صخرة في جهنم يسحب عليها الكافر على وجهه وأخرج ابن المنذر عنه قال : جبل في النار وأخرج ابن المنذر عنه أيضا في قوله :﴿ لا تبقي ولا تذر ﴾ قال : لا تبقي منهم شيئا وإذا بدلوا خلقا آخر لم تذر أن تعاودهم سبيل العذاب الأول وأخرج عبد بن حميد عنه أيضا ﴿ لواحة للبشر ﴾ قال : تلوح الجلد فتحرقه وتغير لونه فيصير أسود من الليل وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضا ﴿ لواحة ﴾ قال : محرقة وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في البعث عن البراء : أن رهطا من اليهود سألوا بعض أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم عن خزنة جهنم فقال : الله ورسوله أعلم فجاء جبريل فأخبر النبي صلى الله عليه و سلم فنزلت عليه ساعتئذ ﴿ عليها تسعة عشر ﴾


الصفحة التالية
Icon