٥٢ - ﴿ بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفا منشرة ﴾ عطف على مقدر يقتضيه المقام كأنه قيل لا يكتفون بتلك التذكرة بل يريد قال المفسرون : إن كفار قريش قالوا لمحمد صلى الله عليه و سلم : ليصبح عند رأس كل رجل منا كتاب منشور من الله أنك رسول الله والصحف الكتب واحدتها صحيفة والمنشرة المنشورة المفتوحة ومثل هذه الآية قوله سبحانه ﴿ حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه ﴾ قرأ الجمهور ﴿ منشرة ﴾ بالتشديد وقرأ سعيد بن جبير بالتخفيف وقرأ الجمهور أيضا بضم الحاء من صحف وقرأ سعيد بن جبير بإسكانها
ثم ردعهم الله سبحانه عن هذه المقالة وزجرهم فقال : ٥٣ - ﴿ كلا بل لا يخافون الآخرة ﴾ يعني عذاب الآخرة لأنهم لو خافوا النار لما اقترحوا الآيات وقيل كلا بمعنى حقا
ثم كرر الردع والزجر لهم فقال : ٥٤ - ﴿ كلا إنه تذكرة ﴾ يعني القرآن أو حقا إنه تذكرة والمعنى : أنه يتذكر به ويتعظ بمواعظه
٥٥ - ﴿ فمن شاء ذكره ﴾ أي فمن شاء أن يتعظ به اتعظ
ثم رد سبحانه المشيئة إلى نفسه فقال : ٥٦ - ﴿ وما يذكرون إلا أن يشاء الله ﴾ قرأ الجمهور ﴿ يذكرون ﴾ بالياء التحتية وقرأ نافع ويعقوب بالفوقية واتفقوا على التخفيف وقوله :﴿ إلا أن يشاء الله ﴾ استثناء مفرغ من أعم الأحوال قال مقاتل : إلا أن يشاء الله لهم الهدى ﴿ هو أهل التقوى ﴾ أي هو الحقيق بأن يتقيه المتقون بترك معاصيه والعمل بطاعاته ﴿ وأهل المغفرة ﴾ أي هو الحقيق بأن بغفر للمؤمنين ما فرط منهم من الذنوب والحقيق بأن يقبل توبة التائبين من العصاة فيغفر ذنوبهم
وقد أخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ كل نفس بما كسبت رهينة ﴾ قال : مأخوذة بعملها وأخرج ابن المنذر عنه في قوله :﴿ إلا أصحاب اليمين ﴾ قال : هم المسلمون وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن علي بن أبي طالب ﴿ إلا أصحاب اليمين ﴾ قال : هم أطفال المسلمين وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس ﴿ حتى أتانا اليقين ﴾ قال : الموت وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وضححه عن أبي موسى الأشعري في قوله :﴿ فرت من قسورة ﴾ قال : هم الرماة رجال القسي وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس قال : القسورة الرجال الرماة القنص وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي جمرة قال : قلت لابن عباس : القسورة الأسد فقال : ما أعلمه بلغة أحد من العرب الأسد هم عصبة الرجال وأخرج سفيان بن عيننة وعبد الرزاق وابن المنذر عن ابن عباس ﴿ من قسورة ﴾ قال : هو ركز الناس : يعني أصواتهم وأخرج أحمد والدارمي والترمذي وحسنه والنسائي وابن ماجه والبزار وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن عدي وصححه وابن مردويه عن أنس [ أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قرأ هذه الآية ﴿ هو أهل التقوى وأهل المغفرة ﴾ فقال : قال ربكم أنا أهل أن أتقى فلا يجعل معي إله فمن اتقاني فلم يجعل معي إلها فأنا أهل أن أغفر له ] وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة وابن عمر وابن عباس مرفوعا نحوه