وجملة ٧ - ﴿ يوفون بالنذر ﴾ مستأنفة مسوقة لبيان ما لأجله رزقوا ما ذكر وكذا ما عطف عليها ومعنى النذر في اللغة الإيجاب والمعنى : يوفون بما أوجبه الله عليهم من الطاعات قال قتادة ومجاهد : يوفون بطاعة الله من الصلاة والحج ونحوهما وقال عكرمة : يوفون إذا نذروا في حق الله سبحانه والنذر في الشرع ما أوجبه المكلف على نفسه فالمعنى : يوفون بما أوجبوه على أنفسهم قال الفراء : في الكلام إضمار : أي كانوا يوفون بالنذر في الدنيا وقال الكلبي : يوفون بالعهد : أي يتممون العهد والأولى حمل النذر هنا على ما أوجبه العبد على نفسه من غير تخصيص ﴿ ويخافون يوما كان شره مستطيرا ﴾ المراد يوم القيامة ومعنى استطارة شره فشوه وانتشاره يقال استطار يستطير استطارة فهو مستطير وهو استفعل من الطيران ومنه قول الأعشى :

( فباتت وقد أثارت في الفؤا د صدعا على نأيها مستطيرا )
والعرب تقول : استطار الصدع في القارورة والزجاجة : إذا امتد ويقال استطار الحريق : إذا انتشر قال الفراء : المستطير المستطيل قال قتادة : استطار شر ذلك اليوم حتى ملأ السموات والأرض قال مقاتل : كان شره فاشيا في السموات فانشقت وتناثرت الكواكب وفزعت الملائكة وفي الأرض نسفت الجبال وغارت المياه
٨ - ﴿ ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا ﴾ أي يطعمون هؤلاء الثلاثة الأصناف الطعام على حبه لديهم وقلته عندهم قال مجاهد : على قلته وحبهم إياه وشهوتهم له فقوله على حبه في محل نصب على الحال : أي كائنين على حبه ومثله قوله :﴿ لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ﴾ وقيل على حب الإطعام لرغبتهم في الخير قال الفضيل بن عياض : على حب إطعام الطعام وقيل الضمير في حبه يرجع إلى الله : أي يطعمون الطعام على حب الله : أي يطعمون إطعاما كائنا على حب الله
ويؤيد هذا قوله : ٩ - ﴿ إنما نطعمكم لوجه الله ﴾ والمسكين ذو المسكنة وهو الفقير أو من هو أفقر من الفقير والمراد باليتيم يتامى المسلمين والأسير الذي يؤسر فيحبس قال قتادة ومجاهد : الأسير المحبوس وقال عكرمة : الأسير العبد وقال أبو حمزة الثمالي : الأسير المرأة قال سعيد بن جبير : نسخ هذا الإطعام آية الصدقات وآية السيف في حق الأسير الكافر وقال غيره : بل هي محكمة وإطعام المسكين واليتيم على التوع وإطعام الأسير لحفظ نفسه إلى أن يتخير فيه الإمام وجملة ﴿ إنما نطعمكم لوجه الله ﴾ في محل نصب على الحال بتقدير القول : أي يقولون إنما نطعمكم أو قائلين إنما نطعمكم : يعني أنهم يستكملوا بهذا ولكن عمله الله من قلوبهم فأثنى عليهم بذلك قال الواحدي : قال المفسرون : لم يستكملوا بهذا ولكن علمه الله من قلوبهم فأثنى عليهم وعلم من ثنائه أنهم فعلوا ذلك خوفا من الله ورداء ثوابه ﴿ لا نريد منكم جزاء ولا شكورا ﴾ أي لا نطلب منكم المجازاة على هذا الإطعام ولا نريد منكم الشكر لنا بل هو خالص لوجه الله وهذه الجملة مقررة لما قبلها لأن من أطعم لوجه الله لا يريد المكافأة ولا يطلب الشكر له ممن أطعمه


الصفحة التالية
Icon