ثم ذكر حال أضدادهم فقال : ١٧ - ﴿ والذين اهتدوا زادهم هدى ﴾ أي والذين اهتدوا إلى طريق الخير فآمنوا بالله وعملوا بما أمرهم به زادهم هدى بالتوفيق وقيل زادهم النبي صلى الله عليه و سلم : وقيل زادهم القرآن وقال الفراء : زادهم إعراض المنافقين واستهزاؤهم هدى وقيل زادهم نزول الناسخ هدى وعلى كل تقدير فالمواد أنه زادهم إيمانا وعلما وبصيرة في الدين ﴿ وآتاهم تقواهم ﴾ أي ألهمهم إياها وأعانهم عليها والتقوى قال الربيع : هي الخشية وقال السدي : هي ثواب الآخرة وقال مقاتل : هي التوفيق للعمل الذي يرضاه وقيل العمل بالناسخ وترك المنسوخ وقيل ترك الرخص والأخذ بالعزائم
١٨ - ﴿ فهل ينظرون إلا الساعة ﴾ أي القيامة ﴿ أن تأتيهم بغتة ﴾ أي فجأة وفي هذا وعيد للكفار شديد وقوله :﴿ أن تأتيهم بغتة ﴾ بدل من الساعة بدل اشتمال وقرأ أبو جعفر الرواسي ﴿ وإذا لم تأتهم ﴾ بإن الشرطية ﴿ فقد جاء أشراطها ﴾ أي أماراتها وعلاماتها وكانوا قد قرأوا في كتبهم أن النبي صلى الله عليه و سلم آخر الأنبياء فبعثته من أشراطها قاله الحسن والضحاك والأشراط جمع شرط بسكون الراء وفتحها وقيل المراد بأشراطها هنا : أسبابها التي هي دون معظمها وقيل أراد بعلامات الساعة انشقاق القمر والدخان كذا قال الحسن وقال الكلبي : كثرة المال والتجارة وشهادة الزور وقطع الأرحام وقلة الكرام وكثرة اللئام ومنه قول أبي زيد الأسود :

( فإن كنت قد أزمعت بالصرم بيننا فقد جعلت أشراط أوله تبدو )
﴿ فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم ﴾ ذكراهم مبتدأ وخبره فأنى لهم : أي أنى لهم التذكر إذا جاءتهم الساعة كقوله :﴿ يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى ﴾ وإذا جاءتهم اعتراض بين المبتدأ والخبر


الصفحة التالية
Icon