قوله : ٢٧ - ﴿ أأنتم أشد خلقا أم السماء ﴾ أي أخلقكم بعد الموت وبعثكم أشد عندكم وفي تقديركم أم خلق السماء والخطاب لكفار مكة والمقصود به التوبيخ لهم والتبكيت لأن من قدر على خلق السماء التي لها هذا الجرم العظيم وفيها من عجائب الصنع وبدائع القدرة ما هو بين للناظرين كيف يعجز عن إعادة الأجسام التي أماتها بعد أن خلقها أول مرة ؟ ومثل هذا قوله : سبحانه :﴿ لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس ﴾ وقوله :﴿ أوليس الذي خلق السموات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم ﴾ ثم بين سبحانه كيفية خلق السماء فقال :﴿ بناها * رفع سمكها فسواها ﴾ أي جعلها كالبناء المرتفع فوق الأرض ورفع سمكها : أي أعلاه في الهواء
٢٩ - ﴿ وأغطش ليلها ﴾ الغطش الظلمة : أي جعله مظلما يقال غطش الليل وأغطشه الله كما يقال أظلم الليل وأظلمه الله ورجل أغطش وامرأة غطشى لا يهتديان قال الراغب : وأصله من الأغطش وهو الذي في عينه عمش ومنه فلاة غطشى لا يهتدي فيها والتغاطش التعامي قال الأعشى :

( ودهماء بالليل غطشي الفلا ة يؤنسني صوت قيادها )
وقوله :
( وغامرهم مدلهم غطش )
يعني غمرهم سواد الليل وأضاف الليل إلى السماء لأن الليل يكون بغروب الشمس والشمس مضافا إلى السماء ﴿ وأخرج ضحاها ﴾ أي أبرز نهارها المضيء بإضاءة الشمس وعبر عن النهار بالضحى لأنه أشرف أوقاته وأطيبها وأضافه إلى السماء لأن يظهر بظهور الشمس وهي منسوبة إلى السماء


الصفحة التالية
Icon