٤٤ - ﴿ إلى ربك منتهاها ﴾ أي منتهى علمها فلا يوجد علمها عند غيره وهذ كقوله :﴿ قل إنما علمها عند ربي ﴾ وقوله :﴿ إن الله عنده علم الساعة ﴾ فكيف يسألونك عنها ويطلبون منك بيان وقت قيامها
٤٥ - ﴿ إنما أنت منذر من يخشاها ﴾ أي مخوف لمن يخشى قيام الساعة وذلك وظيفتك ليس عليك غيره من الإخبار بوقت قيام الساعة ونحوه مما استأثر الله بعلمه وخص الإنذار بمن يخشى لأنهم المنتفعون بوقت قيام الساعة ونحوه مما استأثر الله بعلمه وخص الإنذار بمن يخشى لأنهم المنتفعون بالإنذار وإن كان منذرا لكل مكلف من مسلم وكافر قرأ الجمهور بإضافة ﴿ منذر ﴾ إلى ما بعده وقرأ عمر بن عبد العزيز وأبو جعفر وطلحة وابن محيصن وشيبة والأعرج وحميد بالتنوين ورويت هذه القراءة عن أبي عمرو قال الفراء : والتنوين وتركه في منذر صواب كقوله :﴿ بالغ أمره ﴾ و ﴿ موهن كيد الكافرين ﴾ قال أبو علي الفارسي : يجوز أن تكون الإضافة للماضي نحو ضارب زيد أمس
٤٦ - ﴿ كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها ﴾ أي إلا قدر آخر نهار أو أوله أو قدر الضحى الذي يلي تلك العشية والمراد تقليل مدة الدنيا كما قال :﴿ لم يلبثوا إلا ساعة من نهار ﴾ وقيل لم يلبثوا في قبورهم إلا عشية أو ضحاها قال الفراء والزجاج : المراد بإضافة الضحى إلى العشية إضافته إلى يوم العشية على عادة العرب يقولون : آتيك الغداة أو عشيتها وآتيك العشية أو غداتها فتكون العشية في معنى آخر النهار والغداة في معنى أول النهار ومنه قول الشاعر :

( نحن صبحنا عامرا في دارها جردا تعادي طرفي نهارها )
( عشية الهلال أو سرارها )
والجملة تقرير لما يدل عليه الإنذار من سرعة مجيء المنذر به
وقد أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ رفع سمكها ﴾ قال : بناها ﴿ وأغطش ليلها ﴾ قال : أظلم ليلها وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه ﴿ وأغطش ليلها ﴾ قال : وأظلم ليلها ﴿ وأخرج ضحاها ﴾ قال : أخرج نهارها وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضا ﴿ والأرض بعد ذلك دحاها ﴾ قال : مع ذلك وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عنه أيضا أن رجلا قال له : آيتان في كتاب الله تخالف إحداهما الأخرى قال : إنما أتيت من قبل رأيك قال : اقرأ ﴿ قل أإنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين ﴾ حتى بلغ ﴿ ثم استوى إلى السماء ﴾ وقوله :﴿ والأرض بعد ذلك دحاها ﴾ قال : خلق الله الأرض قبل أن يخلق السماء ثم دحى الأرض بعد ما خلق السماء وإنما قوله :﴿ دحاها ﴾ بسطها وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضا قال :﴿ دحاها ﴾ أن أخرج منها الماء والمرعى وشقق فيها الأنهار وجعل فيها الجبال والرمال والسبل والآكام وما بينهما في يومين وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضا قال : الطامة من أسماء يوم القيامة وأخرج ابن مردويه عن علي بن أبي طالب [ كان النبي صلى الله عليه و سلم يسأل عن الساعة فنزلت ﴿ فيم أنت من ذكراها ﴾ ] وأخرج البزار وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه عن عائشة قالت :[ ما زال رسول الله صلى الله عليه و سلم يسأل عن الساعة حتى أنزل الله ﴿ فيم أنت من ذكراها * إلى ربك منتهاها ﴾ فانتهى فلم يسأل عنها ] وأخرج عبد بن حميد والنسائي وابن جرير والطبراني وابن مردويه عن طارق بن شهاب قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يكثر ذكر الساعة حتى نزلت ﴿ فيم أنت من ذكراها * إلى ربك منتهاها ﴾ فكف عنها وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس قال السيوطي بسند ضعيف : أي مشركي مكة سألوا النبي صلى الله عليه و سلم فقالوا : متى الساعة استهزاء منهم ؟ فأنزل الله ﴿ يسألونك عن الساعة أيان مرساها ﴾ يعني مجيئها ﴿ فيم أنت من ذكراها ﴾ يعني ما أنت من علمها يا محمد ﴿ إلى ربك منتهاها ﴾ يعني منتهى علمها وأخرج ابن مردويه عن عائشة قالت :[ كانت الأعراب إذا قدموا على النبي صلى الله عليه و سلم سألوه عن الساعة فينظر إلى أحدث إنسان منهم فيقول : إن يعش هذا قامت عليكم ساعتكم ]


الصفحة التالية
Icon