٣٥ - ﴿ وأمه وأبيه ﴾
٣٦ - ﴿ وصاحبته وبنيه ﴾
٣٧ - ﴿ لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه ﴾ أي لك إنسان يوم القيامة شأن يشغله عن الأقرباء ويصرفه عنهم وقيل إنما يفر عنهم حذرا من مطالبتهم إياه بما بينهم وقيل يفر عنهم لئلا يروا ما هو فيه من الشدة وقيل لعلمه أنهم لا ينفعونه ولا يغنوه عنه شيئا كما قال تعالى :﴿ يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا ﴾ والجملة مستأنفة مسوقة لبيان سبب الفرار قال ابن قتيبة : يغنيه : أي يصرفه عن قرابته ومنه يقال أغن عني وجهك : أي اصرفه قرأ الجمهور ﴿ يغنيه ﴾ بالغين المعجمة وقرأ ابن محيصن بالعين المهملة مع فتح الياء : أي يهمه من عناه الأمر إذا أهمه
٣٨ - ﴿ وجوه يومئذ مسفرة ﴾ وجوه مبتدأ وإن كان كرة لأنه في مقام التفصيل وهو من مسوغات الابتداء بالنكرة ويومئذ متعلق به ومسفرة خبره ومعنى مسفرة : مشرقة مضيئة وهي وجوه المؤمنين لأنهم قد علموا إذا ذاك ما لهم من النعيم والكرامة يقال أسفر الصبح : إذا أضاء قال الضحاك : مسفرة من آثار الوضوء وقيل من قيام الليل
٣٩ - ﴿ ضاحكة مستبشرة ﴾ أي فرحة بما نالته من الثواب الجزيل
ثم لما فرغ من ذكر حال المؤمنين ذكر حال الكفار فقال : ٤٠ - ﴿ ووجوه يومئذ عليها غبرة ﴾ أي غبار وكدورة لما تراه مما أعده الله لها من العذاب
٤١ - ﴿ ترهقها قترة ﴾ أي يغشاها ويعلوها سواد وكسوف وقيل ذلة وقيل شدة والقتر في كلام العرب الغبار كذا قال أبو عبيدة وأنشد قول الفرزدق :

( متوج برداء الملك يتبعه فوج ترى فوقه الرايات والقترا )
ويدفع ما فاله أبو عبيدة تقدم ذكر الغبرة فإنها واحدة الغبار وقال زيد بن أسلم : القترة ما ارتفعت إلى السماء والغبرة ما انحطت إلى الأرض
٤٢ - ﴿ أولئك ﴾ يعني أصحاب الوجوه ﴿ هم الكفرة الفجرة ﴾ أي الجامعون بين الكفر بالله والفجور يقال فجر : أي فسق وفجر : أي كذب وأصله الميل والفاجر المائل عن الحق
وقد أخرج الترمذي وحسنه وابن المنذر وابن حبان والحاكم وصححه وابن مردويه عن عائشة قالت :[ أنزلت عبس وتولى في أم متكوم الأعمى أتى رسول الله صلى الله عليه و سلم فجعل يقول : يا رسول الله أرشدني وعند رسول الله صلى الله عليه و سلم رجل من عظماء المشركين فجعل رسول الله صلى الله عليه و سلم يعرض عنه ويقبل على الآخر ويقول : أترى بما أقول بأسا ؟ فيقول لا ففي هذا أنزلت ] وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وأبو يعلى عن أنس قال :[ جاء عبد الله ابن أم مكتوم وهو يكلم أبي بن خلف فأعرض عنه فأنزل الله ﴿ عبس وتولى * أن جاءه الأعمى ﴾ فكان النبي صلى الله عليه و سلم بعد ذلك يكرمه ] وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس قال :[ بينا رسول الله صلى الله عليه و سلم يناجي عتبة بن ربيعة والعباس بن عبد المطلب وأبا جهل بن هشام وكان يتصدى لهم كثيرا ويحرص عليهم أن يؤمنوا فأقبل عليهم رجل أعمى يقال له عبد الله بن أم مكتوم يمشي وهو يناجيهم فجعل علد الله يستقرئ النبي صلى الله عليه و سلم آية من القرآن قال : يا رسول الله علمني مما علمك الله فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه و سلم وعبس في وجهه وتولى وكره كلامه وأقبل على الآخرين فلما قضى رسول الله صلى الله عليه و سلم نجواه وأخذ ينقلب إلى أهله أمسك الله ببعض بصره ثم خفق برأسه ثم أنزل الله ﴿ عبس وتولى ﴾ الآية فلما نزل فيه ما نزل أكرمه نبي الله صلى الله عليه و سلم وكلمه وقال له : ما حاجتك ؟ هل تريد من شيء ؟ وإذا ذهب من عنده قال : هل لك حاجة في شيء ؟ ] قال ابن كثير : فيه غرابة وقد تكلم في إسناده وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس ﴿ بأيدي سفرة ﴾ قال : كتبة وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عنه ﴿ بأيدي سفرة ﴾ قال : هم بالنبطية القراء وأخرج ابن جرير عنه أيضا ﴿ كرام بررة ﴾ قال : الملائكة : وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :[ الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة والذي يقرأه وهو عليه شاق له أجران ] وأخرج ابن جرير عن ابن عباس ﴿ ثم السبيل يسره ﴾ قال : يعني بذلك خروجه من بطن أمه يسره له وأخرج ابن المنذر عن عبد الله ابن الزبير في قوله :﴿ فلينظر الإنسان إلى طعامه ﴾ قال : إلى مدخله ومخرجه وأخرج ابن أبي الدنيا عن ابن عباس ﴿ فلينظر الإنسان إلى طعامه ﴾ قال : إلى خرئه وأخرج ابن المنذر عنه ﴿ أنا صببنا الماء صبا ﴾ قال : المطر ﴿ ثم شققنا الأرض شقا ﴾ قال : عن النبات وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضا في قوله :﴿ وقضبا ﴾ قال : الفصفصة يعني القت ﴿ وحدائق غلبا ﴾ قال : طوالا ﴿ وفاكهة وأبا ﴾ قال : الثمار الرطبة وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضا قال : الحدائق كل ملتف والغلب ما غلظ والأب ما أنبتت الأرض مما تأكله الدواب ولا يأكله الناس وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عنه أيضا ﴿ وحدائق غلبا ﴾ قال : شجر في الجنة يستظل به لا يحمل شيئا وأخرج ابن جرير عنه أيضا قال : الأب الكلأ والمرعى وأخرج أبو عبيد في فضائله وعبد بن حميد عن إبراهيم التيمي قال : سئل أبو بكر الصديق عن الأب ما هو ؟ فقال : أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إذا قلت في كتاب الله ما لا أعلم ؟ وأخرج عبد بن حميد عن عبد الله بن يزيد : أن رجلا سأل عمر عن قوله :﴿ وأبا ﴾ فلما رآهم يقولون أقبل عليهم بالدرة وأخرج ابن سعد وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب والخطيب عن أنس أن عمر قرأ على المنبر ﴿ فأنبتنا فيها حبا * وعنبا ﴾ إلى قوله :﴿ وأبا ﴾ قال : كل هذا قد عرفناه فما الأب ؟ ثم رفض عصا كانت في يده فقال : هذا لعمر الله هو التكلف فما عليك أن لا تدري ما الأب اتبعوا ما بين لكم من هذا الكتاب فاعملوا عليه وما لم تعرفوه فكلوه إلى ربه وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس قال الصاخة من أسماء يوم القيامة وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ مسفرة ﴾ قال : مشرقة وفي قوله :﴿ ترهقها قترة ﴾ قال : تغشاها شدة وذلة وأخرج ابن أبي حاتم عنه ﴿ قترة ﴾ قال : سواد الوجه


الصفحة التالية
Icon