ومعنى ١٦ - ﴿ الجوار ﴾ أنها تجري مع الشمس والقمر ومعنى ﴿ الكنس ﴾ أنها ترجع حتى تخفى تحت ضوء الشمس فخنوسها رجوعها وكنوسها اختفاؤها تحت ضوئها وقيل خنوسها خفاؤها بالنهار وكنوسها غروبها قال الحسن وقتادة : هي النجوم التي تخنس بالنهار وإذا غربت والمعنى متقارب لأنها تتأخبر في النهار عن البصر لخفائها فلا ترى وتظهر بالليل وتكنس في وقت غروبها وقيل المراد بها بقر الوحش لأنها تتصف بالخنس وبالجوار وبالكنس وقال عكرمة : الخنس البقر والكنس الظباء فهي تخنس إذا رأت الإنسان وتنقبض وتتأخر وتدخل كناسها وقيل هي الملائكة والأول أولى لذكر الليل والصبح بعد هذا والكنس مأخوذ من الكناس الذي يختفي فيه الوحش والخنس جمع خانس وخانسة والكنس جمع كانس وكانسة
١٧ - ﴿ والليل إذا عسعس ﴾ قال أهل اللغة : هو من الأضداد يقال عسعس الليل : إذا أقبل وعسعس : إذا أدبر
ويدل على أن المراد هنا أدبر قوله : ١٨ - ﴿ والصبح إذا تنفس ﴾ قال الفراء : أجمع المفسرون على أن معنى عسعس أدبر كذا حكاه عنه الجوهري وقال الحسن : أقبل بظلامه قال الفراء : العرب تقول عسعس الليل : إذا أقبل وعسعس الليل : إذا أدبر وهذا لا ينافي ما تقدم عنه لأنه حكى عن المفسرين أنهم أجمعوا على حمل معناه في هذه الآية على أدبر وإن كان في الأصل مشتركا بين الإقبال والإدبار قال المبرد : هو من الأضداد قال : والمعنيان يرجعان إلى شيء واحد وهو ابتداء الظلام في أوله وإدباره في آخره قال رؤبة بن العجاج :

( يا هند ما أسرع ما تعسعسا من بعد ما كان فتى ترعرعا )
وقال امرؤ القيس :
( عسعس حتى لو نشاء إذا دنا كان لنا من ناره مقتبس )
وقوله :
( الماء على الربع القديم تعسعسا )
﴿ والصبح إذا تنفس ﴾ التنفس في الأصل : خروج النسيم من الجوف وتنفس الصبح إقباله لأنه يقبل بروح ونسيم فجعل ذلك تنفسا له مجازا قال الواحدي : تنفس : أي امتد ضوؤه حتى يصير نهارا ومنه يقال للنهار إذا زاد تنفس وقيل ﴿ إذا تنفس ﴾ إذا انشق وانفلق ومنه تنفست القوس : أي تصدعت
ثم ذكر سبحانه جواب القسم فقال : ١٩ - ﴿ إنه لقول رسول كريم ﴾ يعني جبريل لكونه نزل به من جهة الله سبحانه إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم وأضاف القول إلى جبريل لكونه مرسلا به وقيل المراد بالرسول في الآية محمد صلى الله عليه و سلم والأول أولى
ثم وصف الرسول المذكور بأوصاف محمودة فقال : ٢٠ - ﴿ ذي قوة عند ذي العرش مكين ﴾ أي ذي قوة شديدة في القيام بما كلف به كما في قوله :﴿ شديد القوى ﴾ ومعنى ﴿ عند ذي العرش مكين ﴾ أنه ذو رفعة عالية ومكانة مكينة عند الله سبحانه وهو في محل نصب على الحال من مكين وأصله الوصف فلما قدم صار حالا ويجوز أن يكون نعتا لرسول يقال مكن فلان عند فلان مكانة : أي صار ذا منزلة عنده ومكانة قال أبو صالح : من مكانته عند ذي العرش أنه يدخل سبعين سرادقا بغير إذن


الصفحة التالية
Icon