٢٥ - ﴿ وما هو بقول شيطان رجيم ﴾ أي وما القرآن بقول شيطان من الشياطين المسترقة للسمع المرجومة بالشهب قال الكلبي : يقول إن القرآن ليس بشعر ولا كهانة كما قالت قريش قال عطاء : يريد بالشيطان : الشيطان الأبيض الذي كان يأتي النبي صلى الله عليه و سلم في صورة جبريل يريد أن يفتنه
ثم بكتهم سبحانه ووبخهم فقال : ٢٦ - ﴿ فأين تذهبون ﴾ أي أين تعدلون عن هذا القرآن وعن طاعته كذا قاله قتادة وقال الزجاج : معناه أي طريق تسلكون أبين من هذه الطريقة التي قد بينت لكم يقال أين تذهب وإلى أين تذهب ؟ وحكى الفراء عن العرب : ذهبت الشام وخرجت العراق وانطلقت السوق : أي إليها قال : سمعناه في هذه الأحرف الثلاثة وأنشد لبعض بني عقيل :
( تصيح بنا حنيفة إذ رأتنا | وأي الأرض تذهب بالصياح ) |
٢٧ - ﴿ إن هو إلا ذكر للعالمين ﴾ أي ما القرآن إلا موعظة للخلق أجمعين وتذكير لهم
وقوله : ٢٨ - ﴿ لمن شاء منكم أن يستقيم ﴾ بدل من العالمين بإعادة الجار ومفعول المشيئة أن يستقيم أي لمن شاء منكم الاستقامة على الحق والإيمان والطاعة
٢٩ - ﴿ وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين ﴾ أي وما تشاءون الاستقامة إلا أن يشاء الله تلك المشيئة فأعلمهم سبحانه أن المشيئة في التوفيق إليه وأنهم لا يقدرون على ذلك إلا بمشيئة الله وتوفيقه ومثل هذا قوله سبحانه :﴿ وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله ﴾ وقوله :﴿ ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله ﴾ وقوله :﴿ إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء ﴾ والآيات القرآنية في هذا المعنى كثيرة
وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن ابن عباس في قوله :﴿ إذا الشمس كورت ﴾ قال : أظلمت ﴿ وإذا النجوم انكدرت ﴾ قال : تغيرت وأخرج ابن أبي حاتم والديلمي عن أبي مريم أن النبي صلى الله عليه و سلم قال في قوله :﴿ إذا الشمس كورت ﴾ قال : كروت في جهنم ﴿ وإذا النجوم انكدرت ﴾ قال : انكدرت في جهنم فكل من عبد من دون الله فهو في جهنم إلا ما كان من عيسى وأمه ولورضيا أن يعبدا لدخلاها وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن أبي العالية قال : ست آيات من هذه السورة في الدنيا والناس ينظرون إليها وست ينظرون في الآخرة ﴿ إذا الشمس كورت ﴾ إلى ﴿ وإذا البحار سجرت ﴾ هذه في الدنيا والناس ينظرون إليها ﴿ وإذا النفوس زوجت ﴾ إلى ﴿ وإذا الجنة أزلفت ﴾ هذه في الآخرة وأخرج ابن أبي الدنيا في الأهوال وابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي بن كعب قال : ست آيات قبل يوم القيامة بينما الناس في أسواقهم إذ ذهب ضوء الشمس فبينهما هم كذلك إذ وقعت الجبال على وجه الأرض فتحركت واضطربت واختلطت ففزعت الجن إلى الإنس والإنس إلى الجن واختلطت الدواب والطير والوحش فماجوا بعضهم في بعض ﴿ وإذا الوحوش حشرت ﴾ قال : اختلطت ﴿ وإذا العشار عطلت ﴾ قال : أهملها أهلها ﴿ وإذا البحار سجرت ﴾ قال : الجن للإنس نحن نأتيكم بالخبر فانطلقوا إلى البحر فإذا هو نار تأجج / فبينما هم كذلك إذ تصدعت الأرض صدعة واحدة إلى الأرض السابعة وإلى السماء السابعة فبينما هم كذلك إذ جاءتهم ريح فأماتتهم وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن عباس في قوله :﴿ وإذا الوحوش حشرت ﴾ قال : حشر البهائم موتها وحشر كل شيء الموت غير الجن والإنس فإنهما يوافيان يوم القيامة وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والخطيب في المتفق والمفترق عنه في قوله :﴿ وإذا الوحوش حشرت ﴾ قال : يحشر كل شيء يوم القيامة حتى أن الدواب لتحشر وأخرج البيهقي في البعث عنه أيضا في قوله :﴿ وإذا البحار سجرت ﴾ قال : تسجر حتى تصير نارا وأخرج الطبراني عنه ﴿ سجرت ﴾ قال : اختلط ماؤها بماء الأرض وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه وأبو نعيم في الحيلة والبيهقي في البعث عن النعمان بن بشير عن عمر بن الخطاب في قوله :﴿ وإذا النفوس زوجت ﴾ قال : يقرن بين الرجل الصالح مع الصالح في الجنة ويقرن بين الرجل السوء مع الرجل السوء في النار كذلك تزويج الأنفس : وفي رواية : ثم قرأ ﴿ احشروا الذين ظلموا وأزواجهم ﴾ وأخرج نحوه ابن مردويه عن النعمان بن بشير مرفوعا وأخرج البزار والحاكم في الكنى والبيهقي في سننه عن عمر بن الخطاب قال : جاء قيس بن عاصم التميمي إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال :[ إني وأدت ثمان بنات لي في الجاهلية فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم أعتق عن كل واحدة رقبة قال : إني صاحب إبل قال : فأهد عن كل واحدة بدنة ] وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس ﴿ وإذا الجنة أزلفت ﴾ قال : قربت وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه من طرق عن علي بن أبي طالب في قوله :﴿ فلا أقسم بالخنس ﴾ قال : هي الكواكب تكنس بالليل وتخنس بالنهار فلا ترى وأخرج ابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ لا أقسم بالخنس ﴾ قال خمسة أنجم : زحل وعطارد والمشتري وبهرام والزهرة ليس شيء يقطع المجرة غيرها وأخرج ابن مردويه والخطيب في كتاب النجوم عن ابن عباس في الآية قال : هي النجوم السبعة : زحل وبهرام وعطارد والمشتري والزهرة والشمس والقمر خنوسها رجوعها وكنوسها تغيبها بالنهار وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن سعد وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه من طرق عن ابن مسعود في قوله :﴿ بالخنس * الجوار الكنس ﴾ قال : هي بقر الوحش وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : هي البقر تكنس إلى الظل وأخرج ابن المنذر عنه قال : تكنس لأنفسها في أصول الشجر تتوارى فيه وأخرج ابن جرير عنه أيضا قال : هي الظباء وأخرج ابن راهويه وعبد بن حميد والبيهقي في الشعب عن علي بن أبي طالب في قوله :﴿ الجوار الكنس ﴾ قال : هي الكواكب وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس ﴿ الخنس ﴾ البقر ﴿ الجوار الكنس ﴾ الظباء ألم ترها إذا كانت في الظل كيف تكنس بأعناقها ومدت نظرها وأخرج أبو أحمد الحاكم في الكنى عن أبي العديس قال : كنا عند عمر بن الخطاب فأتاه رجل فقال يا أمير المؤمنين ما ﴿ الجوار الكنس ﴾ فطعن عمر بمخصرة معه في عمامة الرجل فألقاها عن رأسه فقال عمر : أحروري ؟ والذي نفس عمر بن الخطاب بيده لو وجتك محلوقا لأنحيت القمل عن رأسك وهذا منكر فالحرورية لم يكونوا في زمن عمر ولا كان لهم في ذلك الوقت ذكر وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس في قوله :﴿ والليل إذا عسعس ﴾ قال : إذا أدبر ﴿ والصبح إذا تنفس ﴾ قال : إذا بدا النهار حين طلوع الفجر وأخرج الطبراني عنه ﴿ إذا عسعس ﴾ قال : إقبال سواده وأخرج ابن المنذر عنه أيضا ﴿ إنه لقول رسول كريم ﴾ قال : جبريل وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل عن ابن مسعود ﴿ ولقد رآه بالأفق المبين ﴾ قال : رأى جبريل له ستمائة جناح قد سد الأفق وأخرج الطبراني وابن مردويه عن ابن عباس في الآية قال : إنما عنى جبريل أن محمدا رآه في صورته عند سدرة المنتهى وأخرج ابن مردويه عنه بالأفق المبين قال : السماء السابعة وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه من طرق عن ابن عباس أنه كان يقرأ ﴿ بضنين ﴾ بالضاد وقال : ببخيل وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه عن ابن مسعود أنه قرأ وما هو [ على ] الغيب بظنين بالظاء قال : ليس بمتهم وأخرج الدارقطني في الأفراد والحاكم وصححه وابن مردويه والخطيب في تاريخه عن عائشة أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقرأ ﴿ بضنين ﴾ بالظاء وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي هريرة قال : لما نزلت ﴿ لمن شاء منكم أن يستقيم ﴾ قالوا : الأمر إلينا إن شئنا استقمنا وإن شئنا لم نستقم فهبط جبريل على رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : كذبوا يا محمد ﴿ وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين ﴾