١٠ - ﴿ ويل يومئذ للمكذبين ﴾ هذا متصل بقوله :﴿ يوم يقوم الناس لرب العالمين ﴾ وما بينهما اعتراض والمعنى : ويل يوم القيامة لمن وقع منه التكذيب بالبعث وبما جاءت به الرسل
ثم بين سبحانه هؤلاء المكذبين فقال : ١١ - ﴿ الذين يكذبون بيوم الدين ﴾ والموصول صفة للمكذبين أو بدل منه
١٢ - ﴿ وما يكذب به إلا كل معتد أثيم ﴾ أي فاجر جائر متجاوز في الإثم منهمك في أسبابه
١٣ - ﴿ إذا تتلى عليه آياتنا ﴾ المنزلة على محمد صلى الله عليه و سلم ﴿ قال أساطير الأولين ﴾ أي أحاديثهم وأباطيلهم التي زخرفوها قرأ الجمهور ﴿ إذا تتلى ﴾ بفوقيتين وقرأ أبو حيوة وأبو السماك والأشهب العقيلي والسلمي بالتحتية
وقوله : ١٤ - ﴿ كلا ﴾ للردع والزجر للمعتدي الأثيم عن ذلك القول الباطل وتكذيب له وقوله :﴿ بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون ﴾ بيان للسبب الذي حملهم على قولهم بأن القرآن أساطير الأولين قال أبو عبيدة : ران على قلوبهم : غلب عليها رينا وريونا وكل ما غلبك وعلاك فقد ران بك وران عليك قال الفراء : هو أنها كثرت منهم المعاصي والذنوب فأحاطب بقلوبهم فذلك الرين عليها قال الحسن : هو الذنب على الذنب حتى يعمى القلب قال مجاهد : القلب مثل الكف ورفع كفه فإذا أذنب انقبض وضم أصبعه فإذا أذنب ذنبا آخر انقبض وضم أخرى حتى ضم أصابعه كلها حتى يطبع على قلبه قال : وكانوا يرون أن ذلك هو الرين ثم قرأ هذه الآية قال أبو زيد : يقال قد رين بالرجل رينا : إذا وقع فيما لا يستطيع الخروج منه ولا قبل له به وقال أبو معاذ النحوي : الرين أن يسود القلب من الذنوب والطبع أن يطبع على القلب هو أشد من الرين والإقفال أشد من الطبع قال الزجاج : الرين هو كالصدأ بغشى القلب كالغيم الرقيق ومثله الغين
ثم كرر سبحانه الردع والزجر فقال : ١٥ - ﴿ كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ﴾ وقيل كلا بمعنى حقا : أي حقا إنهم يعني الكفار عن ربهم يوم القيامة لا يرونه أبدا قال مقاتل : يعني أنهم بعد العرض والحساب لا ينظرون إليه نظر المؤمنين إلى ربهم قال الحسين بن الفضل : كما حجبهم في الدنيا عن توحيده حجبهم في الآخرة عن رؤيته قال الزجاج : في هذه الآية دليل على أن الله عز و جل يرى في القيامة ولولا ذلك ما كان في هذه الآية فائدة وقال جل ثناؤه ﴿ وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة ﴾ فأعلم جل ثناؤه أن النمؤمنين ينظرون وأعلم أن الكفار محجوبون عنه وقيل هو تمثيل لإهانتهم بإهانة من يحجب عن الدخول على الملوك وقال قتادة وابن أبي مليكة : هو أن لا ينظر إليهم برحمته ولا يزكيهم وقال مجاهد : محجوبون عن كرامته وكذا قال ابن كيسان