٢٠ - ﴿ فما لهم لا يؤمنون ﴾ الاستفهام للإنكار والفاء لترتيب ما بعدها من الإنكار والتعجيب على ما قبلها من أحوال يوم القيامة أو من غيرها على الاختلاف السابق والمعنى : أي شيء للكفار لا يؤمنون بمحمد صلى الله عليه و سلم وبما جاء به من القرآن مع وجود موجبات الإيمان بذلك
٢١ - ﴿ وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون ﴾ هذه الجملة الشرطية وجوابها في محل نصب على الحال : أي أي مانع لهم حال عدم سجودهم وخضوعهم عند قراءة القرآن قال الحسن وعطاء والكلبي ومقاتل : ما لهم لا يصلون وقال أبو مسلم : المراد الخضوع والاستكانة وقيل المراد نفس السجود المعروف بسجود التلاوة وقد قوع الخلاف هل هذا الموضع من مواضع السجود عند التلاوة أم لا ؟ وقد تقدم في فاتحة هذه السورة الدليل على السجود
٢٢ - ﴿ بل الذين كفروا يكذبون ﴾ أي يكذبون بمحمد صلى الله عليه و سلم وبما جاء به من الكتاب المشتمل على إثبات التوحيد والبعث والثواب والعقاب
٢٣ - ﴿ والله أعلم بما يوعون ﴾ أي بما يضمرونه في أنفسهم من التكذيب وقال مقاتل : يكتمون من أفعالهم وقال ابن زيد : يجمعون من الأعمال الصالحة والسيئة مأخوذ من الوعاء الذي يجمع ما فيه ومنه قول الشاعر :

( الخير أبقى وإن طال الزمان به والشر أخبث ما أوعيت من زاد )
ويقال وعاه حفظه ووعيت الحديث أعيه وعيا ومنه ﴿ أذن واعية ﴾
٢٤ - ﴿ فبشرهم بعذاب أليم ﴾ أي اجعل ذلك بمنزلة البشارة لهم لأن علمه سبحانه بذلك على الوجه المذكور موجب لتعذيبهم والأليم المؤلم الموجع والكلام خارج مخرج التهكم بهم
٢٥ - ﴿ إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون ﴾ هذا الاستثناء منقطع : أي لكن الذين جمعوا بين الإيمان بالله والعمل الصالح لهم أجر عند الله غير ممنون : أي غير مقطوع يقال مننت الحبل : إذا قطعته ومنه قول الشاعر :
( فترى خلقهن من سرعة الرجـ ع منينا كأنه أهباء )
قال المبرد : المنين الغبار لأنه تقطعه وراءها وكل ضعيف منين وممنون وقيل معنى غير ممنون أنه لا يمن عليهم به ويجوز أن يكون الاستثناء متصلا إن أريد من آمن منهم
وقد أخرج ابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب في قوله :﴿ إذا السماء انشقت ﴾ قال : تنشق السماءمن المجرة وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس ﴿ وأذنت لربها وحقت ﴾ قال : سمعت حين كلمها وأخرج ابن أبي حاتم عنه ﴿ وأذنت لربها وحقت ﴾ قال : أطاعت وحقت بالطاعة وأخرج الحاكم عنه وصححه قال : سمعت وأطاعت ﴿ وإذا الأرض مدت ﴾ قال : يوم القيامة ﴿ وألقت ما فيها ﴾ قال : أخرجت ما فيها من الموتى ﴿ وتخلت ﴾ عنهم وأخرج ابن المنذر عنه أيضا ﴿ وألقت ما فيها ﴾ قال : سواري الذهب وأخرج الحاكم قال السيوطي بسند جيد عن جابر قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم :[ تمد الأرض يوم القيامة مد الأديم ثم لا يكون لابن آدم فيها إلا موضع قدميه ] وأخرج ابن جرير عن ابن عباس ﴿ إنك كادح إلى ربك كدحا ﴾ قال : عامل عملا ﴿ فملاقيه ﴾ قال : فملاق عملك وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :[ ليس أحد يحاسب إلا هلك فقلت أليس يقول الله :﴿ فأما من أوتي كتابه بيمينه * فسوف يحاسب حسابا يسيرا ﴾ ؟ قال : ليس ذلك بالحساب ولكن ذلك العرض ومن نوقش الحساب هلك ] وأخرج أحمد وعبد بن حميد وابن جرير والحاكم وصححه وابن مردويه عن عائشة قالت :[ سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول في بعض صلاته : اللهم حاسبني حسابا يسيرا فلما انصرف قلت يا رسول الله ما الحساب اليسير قال : أن ينظر في كتابه فيتجاوز له عنه إنه من نوقش الحساب هلك ] وفي بعض ألفاظ الحديث الأول وهذا الحديث الآخر [ من نوقش الحساب عذب ] وأخرج البزار والطبراني في الأوسط والبيهقي والحاكم عن أبي هريرة قال :[ قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ثلاث من كن فيه يحاسب الله حسابا يسيرا ويدخله الجنة برحمته : تعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك وتصل من قطعك ] وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ يدعو ثبورا ﴾ قال : الويل وأخرج ابن جرير و ابن المنذر و ابن أبي حاتم عنه ﴿ إنه ظن أن لن يحور ﴾ قال يبعث وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضا ﴿ أن لن يحور ﴾ قال : أن لن يرجع وأخرج سمويه في فوائده عن عمر بن الخطاب قال :﴿ الشفق ﴾ الحمرة وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس مثله وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال :﴿ الشفق ﴾ النهار كله وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ والليل وما وسق ﴾ قال : وما دخل فيه وأخرج أبو عبيد في فضائله وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر عنه ﴿ وما وسق ﴾ قال : وما جمع وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عنه أيضا في قوله :﴿ والقمر إذا اتسق ﴾ قال : إذا استوى وأخرج عبد بن حميد وابن الأنباري من طرق عن ابن عباس أنه سئل عن قوله :﴿ والليل وما وسق ﴾ قال : وما جمع أما سمعت قول :
( إن لنا قلائصا نقانقا مستوسقات لو يجدن سائقا )
وأخرج عبد بن حميد عنه ﴿ والقمر إذا اتسق ﴾ قال : ليلة ثلاثة عشر وأخرج عبد بن حميد عن عمر بن الخطاب ﴿ لتركبن طبقا عن طبق ﴾ حالا بعد حال وأخرج البخاري عن ابن عباس ﴿ لتركبن طبقا عن طبق ﴾ حالا بعد حال قال : هذا نبيكم صلى الله عليه و سلم وأخرج أبو عبيد في القراءات وسعيد بن منصور وابن منيع وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس أنه كان يقرأ ﴿ لتركبن طبقا عن طبق ﴾ يعني بفتح الباء من تركبن وقال : يعني نبيكم صلى الله عليه و سلم حالا بعد حال وأخرج الطيالسي وعبد بن حميد وابن أبي حاتم والطبراني عنه قال :﴿ لتركبن ﴾ يا محمد السماء ﴿ طبقا عن طبق ﴾ وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر والحاكم في الكنى والطبراني وابن منده وابن مردويه عن ابن مسعود أنه قرأ ﴿ لتركبن ﴾ يعني بفتح الباء وقال لتركبن يا محمد سماء بعد سماء وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وابن مردويه والبيهقي في الشعب عنه ﴿ لتركبن طبقا عن طبق ﴾ قال : يعني السماء تنفطر ثم تنشق ثم تحمر وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي عنه أيضا في الآية قال : السماء تكون كالمهل وتكون وردة كالدهان وتكون واهية وتشقق فتكون حالا بعد حال وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ والله أعلم بما يوعون ﴾ قال : يسرون


الصفحة التالية
Icon