لأن الله قرن الأيام به فقال : ٢ - ﴿ وليال عشر ﴾ أي ليالي عشر من ذي الحجة وبه قال السدي والكلبي وقيل المعنى : وصلاة الفجر أو رب الفجر والأول أولى وجواب هذا القسم وما بعده هو قوله :﴿ إن ربك لبالمرصاد ﴾ كذا قال ابن الأنباري وقيل محذوف لدلالة السياق عليه : أي ليجازين كل أحد بما عمل أو ليعذبن وقدره أبو حيان بما دلت عليه خاتمة السورة التي قبله : أي والفجر الخ لإيابهم إلينا وحسابهم علينا وهذا ضعيف جدا وأضعف منه قول من قال : إن الجواب قوله :﴿ هل في ذلك قسم لذي حجر ﴾ وأن هل بمعنى قد لأن هذا لا يصح أن يكون مقسما عليه أبدا ﴿ وليال عشر ﴾ هي عشر ذي الحجة في قول جمهور المفسرين وقال الضحاك : إنها الأواخر من رمضان وقيل العشر الأول من المحرم إلى عاشرها يوم عاشوراء قرأ الجمهور ﴿ ليال ﴾ بالتنوين وعشر صفة لها وقرأ ابن عباس وليال عشر بالإضافة قيل والمراد ليالي أيام عشر وكان حقه على هذا أن يقال عشرة لأن المعدود مذكر وأجيب عنه بأنه إذا حذف المعدود جاز الوجهان
٣ - ﴿ والشفع والوتر ﴾ الشفع والوتر يعمان كل الأشياء شفعها ووترها وقيل شفع الليالي ووترها وقال قتادة : الشفع والوتر شفع الصلاة ووترها منه شفع ومنها وتر وقيل الشفع يوم عرفة ويوم النحر والوتر ليلة يوم النحر وقال مجاهد وعطية العوفي : الشفع الخلق والوتر الله الواحد الصمد وبه قال محمد بن سيرين ومسروق وأبو صالح وقتادة وقال الربيع بن أنس وأبو العالية : هي صلاة المغرب فيها ركعتان والوتر الركعة وقال الضحاك : الشفع عشر ذي الحجة والوتر أيام منى الثلاثة وبه قال عطاء : وقيل هما آدم وحواء لأن آدم كان وترا فشفع بحواء وقيل الشفع درجات الجنة وهي ثمان والوتر دركات النار وهي سبع وبه قال الحسين بن الفضل وقيل الشفع الصفا والمروة والوتر الكعبة وقال مقاتل : الشفع الأيام والليلالي والوتر اليوم الذي لا ليلة بعده وهو يوم القيامة وقال سفيان بن عيينة : الوتر هو الله سبحانه وهو الشفع أيضا لقوله :﴿ ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ﴾ الآية وقال الحسن : المراد بالشفع والوتر العدد كله لأن العدد لا يخلو عنهما وقيل الشفع مسجد مكة والمدينة والوتر مسجد بيت القدس وقيل الشفع حجج القرآن والوتر الإفراد وقيل الشفع الحيوان لأنه ذكر وأنثى والوتر الجماد وقيل الشفع ما سمي والوتر ما لا يسمى ولا يخفاك ما في غالب هذه الأقوال من السقوط البين والضعف الظاهر والاتكال في التعيين على مجرد الرأي الزائف والخاطر الخاطئ
والذي ينبغي التعويل عليه ويتعين المصير إليه ما يدل عليه معنى الشفع والوتر في كلامه العرب وهما معروفان واضحان فالشفع عند العرب الزوج والوتر الفرد فالمراد بالآية إما نفس العدد أو ما يصدق عليه من المعدودات بأنه شفع أو وتر وإذا قام دليل على تعيين شيء من المعدودات في تفسير هذه الآية فإن كان الدليل يدل على أنه المراد نفسه دون غيره فذاك وإن كان الدليل يدل على أنه مما تناولته هذه الآية لم يكن ذلك مانعا من تناولها لغيره قرأ الجمهور ﴿ والوتر ﴾ بفتح الواو وقرأ حمزة والكسائي وخلف بكسرها وهي قراءة ابن مسعود وأصحابه وهما لغتان والفتح لغة قريش وأهل الحجاز والكسر لغة تميم قال الأصمعي : كل فرد وتر وأهل الحجاز يفتحون فيقولون وتر في الفرد وحكى يونس عن ابن كثير أنه قرأ بفتح الواو وكسر التاء فيحتمل أن تكون لغة ثالثة ويحتمل أنه نقل كسرة الراء إلى التاء إجراء للوصل مجرى الوقف


الصفحة التالية
Icon