١٤ - ﴿ إن ربك لبالمرصاد ﴾ قد قدمنا قول من قال إن هذا جواب القسم والأولى أن الجواب محذوف وهذه الجملة تعليل لما قبلها وفيها إرشاد إلى أن كفار قومه صلى الله عليه و سلم سيصيبهم ما أصاب أولئك الكفار ومعنى بالمرصاد : أنه يرصد عمل كل إنسان حتى يجازيه عليه بالخير خيرا وبالشر شرا قال الحسن وعكرمة : أي عليه طريق العباد لا يفوته أحد والرصد والمرصاد : الطريق وقد تقدم بيانه في سورة براءة وتقدم أيضا عند قوله :﴿ إن جهنم كانت مرصادا ﴾
وقد أخرج الفريابي وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن ابن عباس في قوله :﴿ والفجر ﴾ قال : فجر النهار وأخرج ابن جرير عنه قال : يعني صلاة الفجر وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي في الشعب وابن عساكر عنه أيضا في قوله :﴿ والفجر ﴾ قال : هو المحرم فجر السنة وقد ورد في فضل صوم شهر محرم أحاديث صحيحة ولكنها لا تدل على أنه المراد بالآية لا مطابقة ولا تضمنا ولا التزاما وأخرج أحمد والنسائي والبزار وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن جابر [ أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :﴿ والفجر * وليال عشر * والشفع والوتر ﴾ قال : إن العشر عشر الأضحى والوتر : يوم عرفة والشفع : يوم النحر وفي لفظ : هي ليالي من ذي الحجة ] وأخرج عبد بن حميد عن طلحة بن عبد الله أنه دخل على ابن عمر هو وأبو سلمة بن عبد الرحمن فدعاهم ابن عمر إلى الغداء يوم عرفة فقال أبو سلمة : أليس هذه الليالي العشر التي ذكرها الله في القرآن ؟ فقال ابن عمر : وما يدريك ؟ قال : ما أشك قال : بلى فانشكك وقد ورد في فضل هذه العشر أحاديث وليس فيها ما يدل على أنها المرادة بما في القرآن هنا بوجه من الوجوه وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وليال عشر ﴾ قال : هي العشر الأواخر من رمضان وأخرج أحمد وعبد بن حميد والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وصححه وابن مردويه عن عمران بن حصين [ أن النبي صلى الله عليه و سلم سئل عن الشفع والوتر فقال : هي الصلاة بعضها شفع وبعضها وتر ] وفي إسناده رجل مجهول وهو الراوي له عن عمران بن حصين وقد روي عن عمران بن عصام على عمران بن حصين بإسقاط الرجل المجهول وقال الترمذي بعد إخراجه بالإسناد الذي فيه الرجل المجهول : هو حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث قتادة قال ابن كثير : وعندي أن وقفه على عمران بن حصين أشبه والله أعلم قال : ولم يجزم ابن جرير بشيء من هذه الأقوال في الشفع والوتر وقد أخرج هذا الحديث موقوفا على عمران بن حصين عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير فهذا يقوي ما قاله ابن كثير وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس في قوله :﴿ والشفع والوتر ﴾ فقال : كل شيء شفع فهو اثنان والوتر واحد وأخرج الطبراني وابن مردويه قال السيوطي بسند ضعيف عن أبي أيوب عن النبي صلى الله عليه و سلم :[ أنه سئل عن الشفع والوتر فقال : يومان وليلة يوم عرفة ويوم النحر والوتر ليلة النحر ليلة جمع ] وأخرج ابن جرير عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :[ الشفع اليومان والوتر اليوم الثالث ] وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن سعد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عبد الله بن الزبير أنه سئل عن الشفع والوتر فقال : الشفع قول الله :﴿ فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ﴾ والوتر اليوم الثالث وفي لفظ : الوتر أوسط أيام التشريق وأخرج عبد بن حيمد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الشعب من طرق عن ابن عباس قال : الشفع يوم النحر والوتر يوم عرفة وأخرج ابن جرير عنه ﴿ والليل إذا يسر ﴾ قال : إذا ذهب وأخرج ابن المنذر عن ابن مسعود أنه قرأ ﴿ والفجر ﴾ إلى قوله :﴿ إذا يسر ﴾ قال : هذا قسم على إن ربك بالمرصاد وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب من طرق عن ابن عباس في قوله :﴿ قسم لذي حجر ﴾ قال : لذي حجى وعقل ونهى وأخرج ابن جرير عنه في قوله :﴿ بعاد * إرم ﴾ قال : يعني بالإرم الهالك ألا ترى أنك تقول أرم بنو فلان ﴿ ذات العماد ﴾ يعني طولهم مثل العماد وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن المقدام بن معدي كرب [ عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه ذكر ﴿ إرم ذات العماد ﴾ فقال : كان الرجل منهم يأتي إلى الصخرة فيحملها على كاهله فيلقيها على أي حي أراد فيهلكهم ] وفي إسناده رجل مجهول لأن معاوية بن صالح رواه عمن حدثه عن المقدام وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ جابوا الصخر بالواد ﴾ قال : خرقوها وأخرج ابن جرير عنه في الآية قال : كانوا ينحتون من الجبال بيوتا ﴿ وفرعون ذي الأوتاد ﴾ قال : الأوتاد : الجنود الذي يشدون له أمره وأخرج الحاكم وصححه عن ابن مسعود في قوله :﴿ ذي الأوتاد ﴾ قال : وتد فرعون لامرأته أربعة أوتاد ثم جعل على ظهرها رحى عظيمة حتى ماتت وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس في قوله :﴿ إن ربك لبالمرصاد ﴾ قال : يسمع ويرى وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن مسعود في قوله :﴿ إن ربك لبالمرصاد ﴾ قال : من وراء الصراط جسور : جسر عليه الأمانة وجسر عليه الرحم وجسر عليه الرب عز و جل