ولما فرغ سبحانه من حكاية أحوال الأشقياء ذكر بعض أحوال السعداء فقال : ٢٧ - ﴿ يا أيتها النفس المطمئنة ﴾ المطمئنة هي الساكنة الموقنة بالإيمان وتوحيد الله الواصلة إلى ثلج اليقين بحيث لا يخالطها شك ولا يعتريها ريب قال الحسن : هي المؤمنة الموقنة وقال مجاهد : الراضية بقضاء الله التي علمت أن ما أخطأها لم يكن ليصيبها وأن ما أصابها لم يكن ليخطئها وقال مقاتل هي الآمنة المطمئنة وقال ابن كيسان : المطمئنة بذكر الله وقيل المخلصة : قال ابن زيد : المطمئنة لأنها بشرت بالجنة عند الموت وعند البعث
٢٨ - ﴿ ارجعي إلى ربك ﴾ أي ارجعي إلى الله ﴿ راضية ﴾ بالثواب الذي أعطاك ﴿ مرضية ﴾ عنده وقيل ارجعي إلى موعده وقيل إلى أمره وقال عكرمة وعطاء : معنى ﴿ ارجعي إلى ربك ﴾ إلى جسدك الذي كنت فيه واختاره ابن جرير ويدل على هذا قراءة ابن عباس فادخلي في عبدي بالإفراد والأول أولى
٢٩ - ﴿ فادخلي في عبادي ﴾ أي في زمرة عبادي الصالحين وكوني من جملتهم وانتظمي في سلكهم
٣٠ - ﴿ وادخلي جنتي ﴾ معهم قيل إنه يقال لها ارجعي إلى ربك عند خروجها من الدنيا ويقال لها : ادخلي في عبادي وادخلي جنتي يوم القيامة والمراد بالآية كل نفس مطمئنة على العموم ولا ينافي ذلك نزولها في نفس معينة فالاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب
وقد أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ أكلا لما ﴾ قال : سفا وفي قوله :﴿ حبا جما ﴾ قال : شديدا وأخرج ابن جرير عنه ﴿ أكلا لما ﴾ قال : شديدا وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه أيضا في قوله :﴿ إذا دكت الأرض دكا دكا ﴾ قال : تحريكها وأخرج مسلم والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :[ يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها ] وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس ﴿ وأنى له الذكرى ﴾ يقول : وكيف له ؟ وأخرج ابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ فيومئذ لا يعذب ﴾ الآية قال : لا يعذب بعذاب الله أحد ولا يوثق بوثاق الله أحد وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والضياء في المختارة عنه أيضا في قوله :﴿ يا أيتها النفس المطمئنة ﴾ قال : المؤمنة ﴿ ارجعي إلى ربك ﴾ يقول : إلى جسدك قال :[ نزلت هذه الآية وأبو بكر جالس فقال : يا رسول الله ما أحسن هذا فقال : أما إنه سيقال لك هذا ] وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية عن سعيد بن جبير نحوه مرسلا وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول نحوه عن أبي بكر الصديق وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله :﴿ يا أيتها النفس المطمئنة ﴾ المصدقة وأخرج ابن جرير عنه أيضا في الآية قال : ترد الأرواح يوم القيامة في الأجساد وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضا في قوله :﴿ ارجعي إلى ربك راضية ﴾ قال : بما أعطيت من الثواب ﴿ مرضية ﴾ عنها بعملها ﴿ فادخلي في عبادي ﴾ المؤمنين وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني عن سعيد بن جبير قال : مات ابن عباس بالطائف فجاء طير لم ير على خلقته فدخل نعشه ثم لم يرد خارجا منه فلما دفن تليت هذه الآية على شفير القبر لا ندري من تلاها ﴿ يا أيتها النفس المطمئنة * ارجعي إلى ربك راضية مرضية * فادخلي في عبادي * وادخلي جنتي ﴾ وأخرج أبو نعيم في الدلائل عن عكرمة مثله


الصفحة التالية
Icon