٣ - ﴿ وينصرك الله نصرا عزيزا ﴾ أي غالبا منيعا لا يتبعه ذل
٤ - ﴿ هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ﴾ أي السكون والطمأنينة بما يسره لهم من الفتح لئلا تنزعج نفوسهم لما يرد عليهم ﴿ ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم ﴾ أي ليزدادوا بسبب تلك السكينة إيمانا منضما إلى إيمانهم الحاصل لهم من قبل قال الكلبي : كلما نزلت آية من السماء فصدقوا بها ازدادوا تصديقا إلى تصديقهم وقال الربيع بن أنس : خشية مع خشيتهم وقال الضحاك : يقينا مع يقينهم ﴿ ولله جنود السموات والأرض ﴾ يعني الملائكة والإنس والجن والشياطين يدبر أمرهم كيف يشاء ويسلط بعضهم على بعض ويحوط بعضهم ببعض ﴿ وكان الله عليما ﴾ كثير العلم بليغه ﴿ حكيما ﴾ في أفعاله وأقواله
٤ - ﴿ ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار ﴾ هذه اللام متعلقة بمحذوف يدل عليه ما قبله تقديره يبتلي بتلك الجنود من يشاء فيقبل الخير من أهله والشر ممن قضى له به ليدخل ويعذب وقيل متعلقة بقوله :﴿ إنا فتحنا ﴾ كأنه قال : إنا فتحنا لك ما فتحنا ليدخل ويعذب وقيل متعلقة بينصرك : أي نصرك الله بالمؤمنين ليدخل ويعذب وقيل متعلقة بيزدادوا : أي يزدادوا ليدخل ويعذب والأول أولى ﴿ ويكفر عنهم سيئاتهم ﴾ أي يسترها ولا يظهرها ولا يعذبهم بها وقدم الإدخال على التكفير مع أن الأمر بالعكس للمسارعة إلى بيان ما هو المطلب الأعلى والمقصد الأسنى ﴿ وكان ذلك عند الله فوزا عظيما ﴾ أي ظفرا بكل مطلوب ونجاة من كل غم وجلبا لكل نفع ودفعا لكل ضر وقوله :﴿ عند الله ﴾ متعلق بمحذوف على أنه حال من فوزا لأنه صفة في الأصل فلما قدم صار حالا : أي كائنا عند الله والجملة معترضة بين جزاء المؤمنين وجزاء المنافقين والمشركين
ثم لما فرغ مما وعد به صالحي عباده ذكر ما يستحقه غيرهم فقال : ٦ - ﴿ ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ﴾ وهو معطوف على يدخل : أي يعذبهم في الدنيا بما يصل إليها من الهموم والغموم بسبب ما يشاهدونه من ظهور كلمة الإسلام وقهر المخالفين له وبما يصابون به من القهر والقتل والأسر وفي الآخرة بعذاب جهنم وفي تقديم المنافقين على المشركين دلالة على أنهم أشد منهم عذابا وأحق منهم بما وعدهم الله به ثم وصف الفريقين فقال :﴿ الظانين بالله ظن السوء ﴾ وهو ظنهم أن النبي صلى الله عليه و سلم يغلب وأن كلمة الكفر تعلو كلمة الإسلام
ومما ظنوه ما حكاه الله عنهم بقوله :﴿ بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبدا ﴾ ﴿ عليهم دائرة السوء ﴾ أي ما يظنونه ويتربصونه بالمؤمنين دائر عليهم حائق بهم والمعنى : أن العذاب والهلاك الذي يتوقعونه للمؤمنين واقعان عليهم نازلان بهم قال الخليل وسيبويه : السوء هنا الفساد قرأ الجمهور ﴿ السوء ﴾ بفتح السين وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بضمها ﴿ وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساءت مصيرا ﴾ لما بين سبحانه أن دائرة السوء عليهم في الدنيا بين ما يستحقونه مع ذلك من الغضب واللعنة وعذاب جهنم


الصفحة التالية
Icon