١٨ - ﴿ سندع الزبانية ﴾
ثم كرر الردع والزجر فقال : ١٩ - ﴿ كلا لا تطعه ﴾ أي لا تطعه فيما دعاك إليه من ترك الصلاة ﴿ واسجد ﴾ أي صل لله غير مكترث به ولا مبال بنهيه ﴿ واقترب ﴾ أي تقرب إليه سبحانه بالطاعة والعبادة وقيل المعنى : إذا سجدت اقترب من الله بالدعاء وقال زيد بن أسلم : واسجد أنت يا محمد واقترب أنت يا أبا جهل من النار والأولى أولى والسجودهذا الظاهر أن المراد به الصلاة وقيل سجود التلاوة ويدل على هذا ما ثبت عنه صلى الله عليه و سلم من السجود عند تلاوة هذه الآية كما سيأتي إن شاء الله
وقد أخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وأبو نعيم في الدلائل عن عبد الله بن شداد قال :[ أتى جبريل محمدا صلى الله عليه و سلم فقال : يا محمد اقرأ ما أقرأ ؟ فضمه ثم قال : يا محمد اقرأ قال : وما أقرأ ؟ قال :﴿ اقرأ باسم ربك الذي خلق ﴾ حتى بلغ ﴿ ما لم يعلم ﴾ ] وفي الصحيحين : وغيرهما من حديث عائشة [ فجاءه الملك فقال : اقرأ فقال : قلت ما أنا بقارئ قال : فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال : اقرأ فقلت : ما أنا بقارئ فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال : اقرأ فقلت : ما أنا بقارئ فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد فقال :﴿ اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق * اقرأ وربك الأكرم * الذي علم بالقلم ﴾ ] الآية وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد والبخاري وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي عن ابن عباس قال قال أبو جهل : لئن رأيت محمدا يصلي عند الكعبة لأطأن عنقه فبلغ النبي صلى الله عليه و سلم فقال :[ لو فعل لأخذته الملائكة عيانا ] وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وصححه وابن جرير وابن المنذر والطبراني وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي عنه قال :[ كان النبي صلى الله عليه و سلم يصلي فجاء أبو جهل فقال : ألم أنهك عن هذا ؟ إنك لتعلم أن ما بها رجل أكثر ناديا مني فأنزل الله ﴿ فليدع ناديه * سندع الزبانية ﴾ فجاء النبي صلى الله عليه و سلم يصلي فقيل : ما يمنعك ؟ فقال : قد اسود ما بيني وبينه ] قال ابن عباس : والله لو تحرك لأخذته الملائكة والناس ينظرون إليه وأخرج أحمد ومسلم والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي عن أبي هريرة قال : قال أبو جهل : هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم ؟ قالوا نعم قال : واللات والعزى لئن رأيته يصلي كذلك لأطأن على رقبته ولأعفرن وجهه في التراب فأتى رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو يصلي ليطأن على رقبته قال : فما فجئهم منه إلا وهو ينكص على عقبيه ويتقي بيده فقيل له مالك ؟ فقال : إن بيني وبينه خندقا من نار وهولا وأجنحة فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم :[ لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضوا عضوا ] قال : وأنزل الله ﴿ كلا إن الإنسان ليطغى * أن رآه استغنى ﴾ إلى آخر السورة : يعني أبا جهل ﴿ فليدع ناديه ﴾ يعني قومه ﴿ سندع الزبانية ﴾ يعني الملائكة وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله :﴿ أرأيت الذي ينهى * عبدا إذا صلى ﴾ قال : أبو جهل بن هشام حين رمى رسول الله صلى الله عليه و سلم بالسلي على ظهره وهو ساجد لله عز و جل وأخرج ابن المنذر عنه في قوله :﴿ لنسفعا ﴾ قال : لنأخذن وأخرج ابن جرير عنه أيضا ﴿ فليدع ناديه ﴾ قال : ناصره وقد قدمنا أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يسجد في ﴿ إذا السماء انشقت ﴾ وفي ﴿ اقرأ باسم ربك الذي خلق ﴾