قوله : ٨ - ﴿ إنا أرسلناك شاهدا ﴾ أي على أمتك بتبليغ الرسالة إليهم ﴿ ومبشرا ﴾ بالجنة للمطيعين ﴿ ونذيرا ﴾ لأهل المعصية
٩ - ﴿ لتؤمنوا بالله ورسوله ﴾ قرأ الجمهور ﴿ لتؤمنوا ﴾ بالفوقية وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بالتحتية فعلى القراءة الأولى الخطاب لرسول الله صلى الله عليه و سلم ولأمته وعلى القراءة الثانية المراد المبشرين والمنذرين وانتصاب شاهدا ومبشرا ونذيرا على الحال المقدرة ﴿ وتعزروه وتوقروه وتسبحوه ﴾ الخلاف بين القراء في هذه الثلاثة والأفعال كالخلاف في لتؤمنوا كما سلف ومعنى تعزروه : تعظموه وتفخموه قاله الحسن والكلبي والتعزيز : التعظيم والتوقير وقال قتادة : تنصروه وتمنعوا منه وقال عكرمة : تقاتلوا معه بالسيف ومعنى توقروه : تعظموه وقال السدي : تسودوه قيل والضميران في الفعلين للنبي صلى الله عليه و سلم وهنا وقف تام ثم يبتدئ وتسبحوه : أي تسبحوا الله عز و جل ﴿ بكرة وأصيلا ﴾ أي غدوة وعيشة وقيل الضمائر كلها في الأفعال الثلاثة عز و جل فيكون معنى تعزروه وتوقروه : تثبتون له التوحيد وتنفون عنه الشركاء وقيل تنصروا دينه وتجاهدوا مع رسوله وفي التسبيح وجهان أحدهما التنزيه له سبحانه من كل قبيح والثاني الصلاة
١٠ - ﴿ إن الذين يبايعونك ﴾ يعني بيعة الرضوان بالحديبية فإنهم بايعوا تحت الشجرة على قتال قريش ﴿ إنما يبايعون الله ﴾ أخبر سبحانه أن هذه البيعة لرسوله صلى الله عليه و سلم هي بيعة له كما قال :﴿ من يطع الرسول فقد أطاع الله ﴾ وذلك لأنهم باعوا أنفسهم من الله بالجنة وجملة ﴿ يد الله فوق أيديهم ﴾ مستأنفة لتقرير ما قبلها على طريق التخييل في محل نصب على الحال والمعنى : أن عقد الميثاق مع رسول الله صلى الله عليه و سلم كعقده مع الله سبحانه من غير تفاوت وقال الكلبي : المعنى إن نعمة الله عليهم في الهداية فوق ما صنعوا من البيعة وقيل بيده في الثواب فوق أيديهم في الوفاء وقال ابن كسيان : قوة الله ونصرته فوق قوتهم ونصرتهم ﴿ فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ﴾ أي فمن نقض ما عقد من البيعة فإنما ينقض على نفسه لأن ضرر ذلك راجع إليه لا يجاوزه إلى غيره ﴿ ومن أوفى بما عاهد عليه الله ﴾ أي ثبت على الوفاء بما عاهد الله عليه في البيعة لرسوله قرأ الجمهور ﴿ عليه ﴾ بكسر الهاء وقرأ حفص والزهري بضمها ﴿ فسيؤتيه أجرا عظيما ﴾ وهو الجنة قرأ الجمهور ﴿ فسيؤتيه ﴾ بالتحتية وقرأ نافع وقرأ كثير وابن عامر بالنون واختار القراءة الأولى أبو عبيد وأبو حاتم واختار القراءة الثانية الفراء