٥ - ﴿ وتكون الجبال كالعهن المنفوش ﴾ أي كالصوف الملون بالألوان المختلفة الذي نفش بالندف والعهن عند أهل اللغة : الصوف المصبوغ بالألوان المختلفة وقد تقدم بيان هذا في سورة سأل سائل وقد ورد في الكتاب العزيز أوصاف للجبال يوم القيامة وقد قدمنا بيان الجمع بينها
ثم ذكر سبحانه أحوال الناس وتفرقهم فريقين على جهة الإجمال فقال :﴿ فأما من ثقلت موازينه * فهو في عيشة راضية ﴾ قد تقدم القول في الميزان في سورة الأعراف وسورة الكهف وسورة الأنبياء
وقد اختلف فيها هنا فقيل هي جمع موزون وهو العمل الذي له وزن وخطر عند الله وبه قال الفراء وغيره وقيل هي جمع ميزان وهو الآلة التي توضع فيها صحائف الأعمال وعبر عنه بلفظ الجمع كما يقال لكل حادثة ميزان وقيل المراد بالموازين الحجج والدلائل كما في قول الشاعر :

( لقد كنت قبل لقائكم ذا مرة عندي لكل مخاصم ميزانه )
ومعنى عيشة راضية مرضية يرضاها صاحبها قال الزجاج : أي ذات رضى يرضاها صاحبها وقيل عيشة راضية : أي فاعلة للرضى وهو اللين والانقياد لأهلها والعيشة كلمة تجمع النعم التي في الجنة
٧ - ﴿ فهو في عيشة راضية ﴾
٨ - ﴿ وأما من خفت موازينه ﴾ أي رجحت سيئاته على حسناته أو لم تكن له حسنات يعتد بها
٩ - ﴿ فأمه هاوية ﴾ أي فمسكنه جهنم وسماها أمه لأنه يأوي إليها كما يأوي إلى أمه والهاوية من أسماء جهنم وسميت هاوية لأنه يهوي فيها مع بعد قعرها ومنه قول أمية بن أبي الصلت :
( فالأرض معقلنا وكانت أمنا فيها مقابرنا وفيها نولد )
وقول الآخر :
( يا عمرو لو نالتك أرماحنا كنت كمن تهوي به الهاوية )
والمهوى والمهواة : ما بين الجبلين وتهاوى القوم في المهواة : إذا سقط بعضهم في إثر بعض قال قتادة : معنى فأمه هوية فمصيره إلى النار قال عكرمة : لأنه يهوي فيها على أم رأسه قال الأخفش : أمه مستقرة


الصفحة التالية
Icon