٣ - ﴿ فليعبدوا رب هذا البيت ﴾ أمرهم سبحانه بعبادته بعد أن ذكر لهم ما أنعم به عليهم : أي إن لم يعدوه لسائر نعمه فليعبدوه لهذه النعمة الخاصة المذكورة والبيت الكعبة وعرفهم سبحانه بأنه رب هذا البيت لأنها كانت لهم أوثان يعبدونها فميز نفسه عنها وقيل لأنهم بالبيت تشرفوا على سائر العرب فذكر لهم ذلك تذكيرا لنعمته
٤ - ﴿ الذي أطعمهم من جوع ﴾ أي أطعمهم بسبب تينك الرحلتين من جوع شديد كانوا فيه قبلهما وقيل إن هذا الإطعام هو أنهم لما كذبوا النبي صلى الله عليه و سلم دعا عليهم فقال : اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف فاشتد القحط فقالوا : يا محمد ادع الله لنا فإنا مؤمنون فدعا فأخصبوا وزال عنهم الجوع وارتفع القحط ﴿ وآمنهم من خوف ﴾ أي من خوف شديد كانوا فيه قال ابن زيد : كانت العرب يغير بعضها على بعض ويسبي بعضها بعضا فأمنت قريش من ذلك لمكان الحرم وقال الضحاك والربيع وشريك وسفيان : آمنهم من خوف الحبشة مع الفيل
وقد أخرج أحمد وابن أبي حاتم عن أسماء بنت يزيد قالت [ سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :﴿ لإيلاف قريش * إيلافهم رحلة الشتاء والصيف ﴾ ويحكم يا قريش اعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمكم من جوع وآمنكم من خوف ] وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله :﴿ لإيلاف قريش ﴾ قال : نعمتي على قريش ﴿ إيلافهم رحلة الشتاء والصيف ﴾ كانوا يشتون بمكة ويصيفون بالطائف ﴿ فليعبدوا رب هذا البيت ﴾ قال : الكعبة ﴿ الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف ﴾ قال : الجذام وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عنه ﴿ لإيلاف قريش * إيلافهم ﴾ قال : لزومهم ﴿ الذي أطعمهم من جوع ﴾ يعني قريشا أهل مكة بدعوة إبراهيم حيث قال :﴿ وارزق أهله من الثمرات ﴾ ﴿ وآمنهم من خوف ﴾ حيث قال إبراهيم ﴿ رب اجعل هذا البلد آمنا ﴾ وأخرج ابن جرير وابن مردويه عنه أيضا في قوله :﴿ لإيلاف قريش ﴾ الآية قال : نهاهم عن الرحلة وأمرهم أن يعبدوا رب هذا البيت وكفاهم المؤمنة وكان رحلتهم في الشتاء والصيف ولم يكن لهم راحلة في شتاء ولا صيف فأطعمهم الله بعد ذلك من جوع وآمنهم من خوف فألفوا الرحلة وكان ذلك من نعمة الله عليهم وأخرج ابن جرير عنه أيضا في الآية قال : أمروا أن يألفوا عبادة رب هذا البيت كإلفهم رحلة الشتاء والصيف وقد وردت أحاديث في فضل قريش وإن الناس تبع لهم في الخير والشر وإن هذا الأمر يعني الخلافة لا يزال فيهم ما بقي منهم اثنان وهي في دواوين الإسلام