٦ - ﴿ لكم دينكم ﴾ مستأنفة لتقرير قوله :﴿ لا أعبد ما تعبدون ﴾ وقوله :﴿ ولا أنا عابد ما عبدتم ﴾ كما أن قوله :﴿ ولي دين ﴾ تقرير لقوله :﴿ ولا أنتم عابدون ما أعبد ﴾ في الموضعين : أي إن رضيتم بدينكم فقد رضيت بديني كما في قوله :﴿ لنا أعمالنا ولكم أعمالكم ﴾ والمعنى : أن دينكم الذي هو الإشراك مقصور على الحصول لكم لا يتجاوزه إلى الحصول لي كما تطمعون وديني الذي هو التوحيد مقصور على الحصول لي لا يتجاوزه إلى الحصول لكم وقيل المعنى : لكم جزاؤكم ولي جزائي لأن الدين الجزاء قيل وهذه الآية منسوخة بآية السيف وقيل ليست بمنسوخة لأنها أخبار والأخبار لا يدخلها النسخ قرأ الجمهور بإسكان الياء من قوله ﴿ ولي ﴾ وقرأ نافع وهشام وحفص والبزي بفتحها وقرأ الجمهور أيضا بحذف الياء من ديني وقفا ووصلا وأثبتها نصر بن عاصم وسلام ويعقوب وصلا ووقفا قالوا لأنها اسم فلا تحذف ويجاب بأن حذفها لرعاية الفواصل سائغ وإن كانت اسما
وقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني عن ابن عباس [ أن قريشا دعت رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى أن يعطوه مالا فيكون أغنى رجل بمكة ويزوجوه ما أراد من النساء فقالوا : هذا لك يا محمد وكف عن شتم آلهتنا ولا تذكرها بسوء فإن لم تفعل فإنا نعرض عليك خصلة واحدة ولك فيها صلاح قال : ما هي ؟ قالوا : تعبد آلهتنا سنة ونعبد إلهك سنة قال : حتى أنظر ما يأتيني من ربي فجاء الوحي من عند الله ﴿ قل يا أيها الكافرون * لا أعبد ما تعبدون ﴾ إلى آخر السورة وأنزل الله ﴿ قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون ﴾ إلى قوله :﴿ بل الله فاعبد وكن من الشاكرين ﴾ ] وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف عن سعيد بن مينا مولى أبي البحتري قال [ لقي الوليد بن المغيرة والعاص بن وائل والأسود بن المطلب وأمية بن خلف رسول الله صلى الله عليه و سلم قالوا : يا محمد هلم فلنعبد ما تعبد وتعبد ما نعبد ونشترك نحن وأنت في أمرنا كله فإن كان الذي نحن عليه أصح من الذي أنت عليه كنت قد أخذت منه حظا وإن كان الذي أنت عليه أصح من الذي نحن عليه كنا قد أخذنا منه حظا فأنزل الله ﴿ قل يا أيها الكافرون ﴾ إلى أخر السورة ] وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس أن قريشا قالت : لو استلمت آلهتنا لعبدنا إلهك فأنزل الله ﴿ قل يا أيها الكافرون ﴾ السورة كلها


الصفحة التالية
Icon