٢ - ﴿ الله الصمد ﴾ الإسم الشريف مبتدأ والصمد خبره والصمد هو الذي يصمد إليه في الحاجات : أي يقصد لكونه قادرا على قضائها فهو فعل بمعنى مفعول كالقبض بمعنى المقبوض لأنه مصمود إليه : أي مقصود إليه قال الزجاج : الصمد السند الذي انتهى إليه [ السؤدد ] فلا سيد فوقه قال الشاعر :
( ألا بكر الناعي بخير بني أسد | بعمرو بن مسعود وبالسيد الصمد ) |
وقيل معنى الصمد : الدائم الباقي الذي لم يزل ولا يزول وقيل معنى الصمد ما ذكر بعده من أنه الذي لم يلد ولم يولد وقيل هو المستغني عن كل أحد والمحتاج إليه كل أحد وقيل هو المقصود في الرغائب والمستعان به في المصائب وهذان القولان يرجعان إلى معنى القول الأول وقيل هو الذي يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد وقيل هو الكامل الذي لا عيب فيه وقال الحسن وعكرمة والضحاك وسعيد بن جبير وسعيد بن المسيب ومجاهد وعبد الله بن بريدة وعطاء وعطية العوفي والسدي : الصمد هو المصمت الذي لا جوف له ومنه قول الشاعر :
( شهاب حروب لا تزال جياده | عوابس يعلكن الشكيم المصمدا ) |
وهذا لا ينافي القول الأول الجواز أن يكون هذا أصل معنى الصمد ثم استعمل في السيد المصمود إليه في الحوائج ولهذا أطبق على القول الأول أهل اللغة وجمهور أهل التفسير ومنه قول الشاعر :
( علوته بحسام ثم قلت له | خذها حذيف فأنت السيد الصمد ) |
وقال الزبرقان بن بدر :( سيروا جميعا بنصف الليل واعتمدوا | ولا رهينة إلا سيد صمد ) |
وتكرير الاسم الجليل للإشعار بأن من لم يتصف بذلك فهو بمعزل عن استحقاق الألوهية وحذف العاطف من هذه الجملة لأنها كالنتيجة للجملة الأولى وقيل إن الصمد صفة للاسم الشريف والخبر هو ما بعده والأولى أولى لأن السياق يقتضي استقلال كل جملة