٥ - ﴿ ومن شر حاسد إذا حسد ﴾ الحسد : تمني زوال النعمة التي أنعم الله بها على المحسود ومعنى إذا حسد : إذا أظهر ما في نفسه من الحسد وعمل بمقتضاه وحمله الحسد على إيقاع الشر بالمحسود قال عمر بن عبد العزيز : لم أر ظالما أشبه بالمظلوم من حاسد وقد نظم الشاعر هذا المعنى فقال :

( قل للحسود إذا تنفس طعنة يا ظالماوكأنه مظلوم )
ذكر الله سبحانه في هذه السورة إرشاد رسوله صلى الله عليه و سلم إلى الاستعاذة من شر كل مخلوقاته على العموم ثم ذكر بعض الشرور على الخصوص مع اندراجه تحت العموم لزيادة شره ومزيد ضره وهو الغاسق والنفاثات والحاسد فكأن هؤلاء لما فيهم من مزيد الشر حقيقيون بإفراد كل واحد منهم بالذكر
وقد أخرج ابن مردويه عن عمرو بن عبسة قال [ صلى بنا رسول الله صلى الله عليه و سلم فقرأ ﴿ قل أعوذ برب الفلق ﴾ فقال : يا ابن عبسة أتدري ما الفلق ؟ قلت : الله ورسوله أعلم قال : بئر في جهنم ] وأخرجه ابن أبي حاتم من قول عمرو بن عبسة غير مرفوع وأخرج ابن مردويه عن عقبة بن عامر قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه و سلم :[ اقرأ ﴿ قل أعوذ برب الفلق ﴾ هل تدري ما الفلق ؟ باب في النار إذا فتحت سعرت جهنم ] وأخرج ابن مردويه والدليمي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال :[ سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم عن قول الله عز و جل :﴿ قل أعوذ برب الفلق ﴾ فقال : هو سجن في جهنم يحبس فيه الجبارون والمتكبرون وإن جهنم لتتعوذ بالله منه ] وأخرج ابن جرير عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :[ الفلق جب في جهنم ]
وهذه الأحاديث لو كانت صحيحة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم لكان المصير إليها وجبا والقول بها متعينا وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : الفلق سجن في جهنم وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن جابر بن عبد الله قال : الفلق الصبح وأخرج ابن جرير عن ابن عباس مثله وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه قال : الفلق الخلق وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ وابن مردويه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم في قوله :﴿ ومن شر غاسق إذا وقب ﴾ وقال : النجم هو الغاسق وهو الثريا وأخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم من وجه آخر عنه غير مرفوع وقد قدمنا تأويل ما ورد أن الغاسق القمر وأخرج أبو الشيخ عنه أيضا قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :[ إذا ارتفعت النجوم رفعت كل عاهة عن كل بلد ] وهذا لو صح لم يكن فيه دليل على أن الغاسق هو النجم أو النجوم وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس ﴿ ومن شر غاسق إذا وقب ﴾ قال : الليل إذا أقبل وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس ﴿ ومن شر النفاثات في العقد ﴾ قال : الساحرات وأخرج ابن جرير عنه في الآية قال : هو ما خالط السحر من الرقى وأخرج النسائي وابن مردويه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :[ من عقد عقدة ثم نفث فيها فقد سحر ومن سحر فقد أشرك ومن تعلق شيئا وكل إليه ] وأخرج ابن سعد وابن ماجه والحاكم وابن مردويه عن أبي هريرة قال :[ جاء النبي صلى الله عليه و سلم يعودني فقال : ألا أرقيك برقية رقاني بها جبريل ؟ فقلت : بلى بأبي أنت وأمي قال : بسم الله أرقيك والله يشفيك من كل داء فيك ﴿ من شر النفاثات في العقد * ومن شر حاسد إذا حسد ﴾ فرقى بها ثلاث مرات ] وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ ومن شر حاسد إذا حسد ﴾ قال : نفس ابن آدم وعينه اهـ


الصفحة التالية
Icon