وقوله : ٢ - ﴿ ملك الناس ﴾ عطف بيان جيء به لبيان أن ربيته سبحانه ليست كربية سائر الملاك لما تحت أيديهم من مماليكهم بل بطريق الملك الكامل والسلطان القاهر
٣ - ﴿ إله الناس ﴾ هو أيضا عطف بيان كالذي قبله لبيان أن ربوبيته وملكه قد انضم إليهما المعبودية المؤسسة على الألوهية المقتضية للقدرة التامة على التصرف الكلي بالاتحاد والإعدام وأيضا الرب قد يكون ملكا وقد لا يكون ملكا كما يقال رب الدار وبرب المتاع ومنه قوله :﴿ اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ﴾ فبين أنه ملك الناس ثم الملك قد يكون إلها وقد لا يكون فبين أنه إله لأن اسم الإله خاص به لا يشاركه فيه أحد وأيضا بدأ باسم الرب وهو اسم لمن قام بتدبيره وإصلاحه من أوائل عمره إلى أن صار عاقلا كاملا فحينئذ عرف بالدليل أنه عبد مملوك فذكر أنه ملك الناس ثم لما علم أن العبادة لازمة له واجبة عليه وأنه عبد مخلوق وأن خالقه إله معبود بين سبحانه أنه إله الناس وكرر لفظ الناس في الثلاثة المواضع لأن عطف البيان يحتاج إلى مزية الإظهار ولأن التكرير يقتضي مزيد من شرف الناس
٤ - ﴿ من شر الوسواس ﴾ قال الفراء : هو بفتح الواو بمعنى الاسم : أي الموسوس وبكسرها المصدر : أي الموسوسة كالزلزال بمعنى الزلزلة وقيل هو بالفتح اسم بمعنى الوسوسة والوسوسة : هي حديث النفس يقال : وسوست إليه نفسه وسوسة : أي حدثته حديثا وأصلها الصوت الخفي ومنه قيل لأصوات الحلى وسواس ومنه قول الأعشى :
( تسمع للحلى وسواسا إذا انصرفت )
قال الزجاج : الوسواس هو الشيطان : أي ذي الوسواس ويقال إن الوسواس ابن لإبليس وقد سبق تحقيق معنى الوسوسة في تفسير قوله :﴿ فوسوس لهما الشيطان ﴾ ومعنى ﴿ الخناس ﴾ كثير الخنس وهو التأخير يقال خنس يخنس : إذا تأخر ومنه قول العلاء بن الحضرمي يمدح رسول الله صلى الله عليه و سلم :
( فإن دخسوا بالشر فاعف تكرما | وإن خنسوا عند الحديث فلا تسل ) |