قوله : ٢٥ - ﴿ هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام ﴾ يعني كفار مكة ومعنى صدهم عن المسجد الحرام : أنهم منعوهم أن يطوفوا به ويحلوا عن عمرتهم ﴿ والهدي معكوفا ﴾ قرأ الجمهور بنصب ﴿ الهدي ﴾ عطفا على الضمير المنصوب في صدوكم وقرأ أبو عمرو في رواية عنه بالجر عطفا على المسجد ولا بد من تقدير مضاف : أي عن نحر الهدي وقرئ بالرفع على تقدير وصد الهدي وقرأ الجمهور بفتح الهاء من الهدي وسكون الدال وروي عن أبي عمرو عاصم بكسر الدال وتشديد الياء : وانتصاب معكوفا على الحال من الهدي : أي محبوسا قال الجوهري عكفه : أي حبسه ووقفه ومنه ﴿ والهدي معكوفا ﴾ ومنه الاعتكاف في المسجد وهو الاحتباس وقال أبو عمرو بن العلاء : معكوفا مجموعا وقوله :﴿ أن يبلغ محله ﴾ أي عن أن يبلغ محله أو هو مفعول لأجله والمعنى : صدوا الهدي كراهة أن يبلغ محله أو هو بدل من الهدي بدل اشتمال ومحله منحره وهو حيث يحل نحره من الحرم وكان الهدي سبعين بدنة ورخص الله سبحانه لهم بجعل ذلك الموضع الذي وصلوا إليه وهو الحديبية محلا للنحر وللعلماء في هذا كلام معروف في كتب الفروع ﴿ ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم ﴾ يعني المستضعفين من المؤمنين بمكة ومعنى : لم تعلموهم لم تعرفوهم وقيل لم تعلموا أنهم مؤمنون ﴿ أن تطئوهم ﴾ يجوز أن يكون بدلا من رجال ونساء ولكنه غلب الذكور وأن يكون بدلا من مفعول تعلموهم والمعنى أن تطأوهم بالقتل والإيقاع بهم يقال وطئت القوم : أي أوقعت بهم وذلك أنهم لو كسبوا مكة وأخذوها عنوة بالسيف لم يتميز المؤمنون الذين هم فيها من الكفار وعند ذلك لا يأمنوا أن يقتلوا المؤمنين فتلزمهم الكفارة وتلحقهم سبة وهو معنى قوله :﴿ فتصيبكم منهم ﴾ أي من جهتهم ﴿ معرة ﴾ أي مشقة بما يلزمهم في قتلهم من كفارة وعيب وأصل المعرة : العيب مأخوذة من العر وهو الجرب وذلك أن المشركين سيقولون : إن المسلمين قد قتلوا أهل دينهم قال الزجاج : لولا أن تقتلوا رجالا مؤمنين ونساء مؤمنات فتصيبكم منهم معرة : أي إثم وكذا قال الجوهري [ وبه ] قال ابن زيد وقال الكلبي ومقاتل وغيرهما : المعرة كفارة قتل الخطأ كما في قوله ﴿ فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة ﴾ وقال ابن إسحاق : المعرة غرم الدية وقال قطرب : المعرة الشدة وقيل الغم و ﴿ بغير علم ﴾ متعلق بأن تطأوهم : أي غير عالمين وجواب لولا محذوف والتقدير : لأذن الله لكم أو لما كف أيديكم عنهم واللام في ﴿ ليدخل الله في رحمته من يشاء ﴾ متعلقة بما يدل عليه الجواب المقدر أي ولكن لم يأذن لكم أو كف أيديكم ليدخل الله في رحمته بذلك من يشاء من عباده وهم المؤمنين والمؤمنات الذين كانوا في مكة فيتمم لهم أجورهم بإخراجهم من بين ظهراني الكفار ويفك أسرهم ويرفع ما كان ينزل بهم من العذاب وقيل اللام متعلقة بمحذوف غير ما ذكر وتقديره : لو قلتموهم لأدخلهم الله في رحمته والأول أولى وقيل إن من يشاء عباده ممن رغب في الإسلام من المشركين ﴿ لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما ﴾ التزيل : التميز : أي لو تميز الذين آمنوا من الذين كفروا منهم لغذبنا الذين كفروا وقيل التزيل : التفرق : أي لو تفرق هؤلاء من هؤلاء وقيل لو زال المؤمنون من بين أظهرهم والمعاني متقاربة والعذاب الأليم هو القتل والأسر والقهر