١٠ - ﴿ من ورائهم جهنم ﴾ أي من وراء ما هم فيه من التعزز بالدنيا والتكبر عن الحق جهنم فإنها من قدامهم لأنهم متوجهون إليها وعبر بالوراء عن القدام كقوله :﴿ من ورائه جهنم ﴾ وقول الشاعر :
( أليس ورائي إن تراخت منيتي )
وقيل جعلها باعتبار إعراضهم عنها كأنها خلفهم ﴿ ولا يغني عنهم ما كسبوا شيئا ﴾ أي لا يدفع عنهم ما كسبوا من أموالهم وأولادهم شيئا من عذاب الله ولا ينفعهم بوجه من وجوه النفع ﴿ ولا ما اتخذوا من دون الله أولياء ﴾ معطوف على ما كسبوا : أي ولا يغني عنهم ما اتخذوا من دون الله أولياء من الأصنام و ما في الموضعين إما مصدرية أو موصولة وزيادة لا في الجملة الثانية للتأكيد ﴿ ولهم عذاب عظيم ﴾ في جهنم التي هي من ورائهم
١١ - ﴿ هذا هدى ﴾ جملة مستأنفة من مبتدأ وخبر يعني هذا القرآن هدى للمهتدين به ﴿ والذين كفروا بآيات ربهم ﴾ القرآنية ﴿ لهم عذاب من رجز أليم ﴾ الرجز أشد العذاب قرأ الجمهور ﴿ أليم ﴾ بالجر صفة للرجز وقرأ ابن كثير وحفص وابن محيصن بالرفع صفة لعذاب
١٢ - ﴿ الله الذي سخر لكم البحر ﴾ أي جعله على صفة تتمكنون بها من الركوب عليه ﴿ لتجري الفلك فيه بأمره ﴾ أي بإذنه وإقداره لكم ﴿ ولتبتغوا من فضله ﴾ بالتجارة تارة والغوص للدر والمعالجة للصيد وغير ذلك ﴿ ولعلكم تشكرون ﴾ أي لكي تشكروا النعم التي تحصل لكم بسبب هذا التسخير للبحر
١٣ - ﴿ وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعا منه ﴾ أي سخر لعباده ما خلقه في سماواته وأرضه مما تتعلق به مصالحهم وتقوم به معايشهم ومما سخره لهم من مخلوقات السموات : الشمس والقمر والنجوم النيرات والمطر والسحاب والرياح وانتصاب جميعا على الحال من ما في السموات وما في الأرض أو تأكيد له وقوله : منه يجوز أن يتعلق بمحذوف هو صفة لجميعا : أي كائنة منه ويجوز أن يتعلق بسخر ويجوز أن يكون حالا من ما في السموات أو خبرا لمبتدأ محذوف والمعنى : أن كل ذلك رحمة منه لعباده ﴿ إن في ذلك ﴾ المذكور من التسخير ﴿ لآيات لقوم يتفكرون ﴾ وخص المتفكرين لأنه لا ينتفع بها إلا من تفكر فيها فإنه ينتقل من التفكر إلى الاستدلال بها على التوحيد